بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمد لله نحمد، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .

((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))

((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً ونساءاً * واتقوا الله الذي تساءلو ن به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))

((يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولو ا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً))أما بعد:

سبيل الله هو صراط الذين أنعم عليهم من النبيين ومن تبعهم

فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه الكريم: ((قل هذه سبيلي أدعوإلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين))،هذه الآية الكريمة فيها أمر من الله تبارك وتعالى لمحمد عليه الصلاة والسلام بأن يبين للناس سبيله، وطريقته ومنهجه، وأن يبين لهم أهمية الدعوة، وأهمية نشر هذا الدين، وإيصال الإسلام إلى جميع العالمين ((قل هذه سبيلي ..)) والسبيل: المقصود بها الطريق، والله تبارك وتعالى جعل هذا الإسلام ؛ طريقاً مستقيماً وأمرنا في كل ركعة أن ندعوه جل وعلا فنقول: ((اهدنا الصراط المستقيم)) أي: نسأله جل وعلا وتعالى -هذا الصراط- وهو صراط سار فيه جميع الأنبياء وجميع الصلحاء في كل زمان ومكان، ولذلك جاء بعد هذه الآية ما يدل على أن هذا الصراط ليس خاصاً بمحمد عليه الصلاة والسلام وأمته، وإنما هو صراط لكل الأنبياء وكل الأمم فقال تعالى:((صراط الذين أنعمت عليهم)). من هم الذين أنعم الله عليهم؟ قال الله سبحانه: ((ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً)) وبيَّن سبحانه أن هذا الصراط لا يقبل الازدواجية ولا يقبل أن يلتحق به غير أهله فقال: ((صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) .

والمغضوب عليهم: هم اليهود والضآلون: هم النصارى كما بيَّن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه ابن حبان وغيره وقال الألباني إنه صحيح، فالصراط المستقيم: صراطٌ متفردٌ بعيداً عن الذين غضب الله عليهم وفي مقدمتهم اليهود، وبعيداً عن صراط الذين ضلو ا وفي مقدمتهم النصارى، واليوم الذين يقودون العالم في الغالب إنما هم اليهود والنصارى، ولذلك نبه الله تبارك وتعالى على ضرورة الابتعاد عن طريق اليهود والنصارى، ومن ابتعد عن طريقهم ؛ فلا شك سوف يكون أبعد عن طريق سواهم؛ من الو ثنيين والمشركين. إن صراط الله تبارك وتعالى ؛ صراط واضح لا لبس فيه، وما حوله سبل متشعبة لا توصل إلا إلى البوار والخسران: ((وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)). إن هنالك طرقاً كثيرة بجانب الصراط المستقيم وقد شق هذه الطرق الشيطان الرجيم ومن ضمنها طريق اليهود ومن ضمنها طريق النصارى.

الخروج عن سبيل الله وصراطه انزلاق في سبل الشيطان:

جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عبد الله مسعود رضي الله عنه أنه قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، وخط بجواره خطوطاً ثم قرأ هذه الآية: ((وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل)) أي: لا تتبعوا تلك الطرق الجانبية. وفي الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وذكر الألباني أنه صحيح، عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، وفيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلو ا الصراط جميعاً، ولا تفرقوا، وفوق الصراط داعٍ يدعو، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال لـه: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي الذي على رأس الصراط هوكتاب الله، والداعي الذي فوق الصراط هوواعظ الله في قلب كل مسلم) ففي هذا المثل فصَّل الرسول صلى الله عليه وسلم ما يتعلق بالصراط أو السبيل، فقال بأن الصراط المستقيم هو الإسلام، وهو السبيل الذي ارتضاه الله لعباده، وأن السورين هما حدود الله، هذا طريق، وهنا سور على اليمين، وهنا سور على اليسار، فإذا خرج الشخص عن هذا السور، أو عن هذا السور، فقد تخطى الحدود، وفي السورين أبواب مفتحة والأبواب عليها ستور مرخاة وليست مغلقة، بمعنى: أنه يستطيع أيّ أحد يرفع الستر ويخرج بسهولة ويُسْر، لكنَّهُ إذا خرج من باب من هذه الأبواب فإنه قد ارتكب إحدى محارم الله، فارتكاب المحرمات أمرٌ سهل وأمرٌ يسير. ثم بيَّن أن هنالك داعياً عند رأس الصراط أوعند باب الصراط، وهو كتابُ الله يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تفرقوا؛ لأن الإسلام الذي جاء به محمدٌ عليه الصلاة والسلام ليس خاصاً بأناس دون أُناس، وإنّما هو شاملٌ لجميع الناس: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) ((قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً..)) فليس دين الإسلام خاصاً بالعرب، ولا خاصاً بالذين عاشوا في زمان محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما هو للناس جميعاً في كل جيل وقبيل، وكتاب الله يدعوهم للدخول في هذا الصراط جميعاً، وينهاهم عن التفرق، ولو دخلو ا فعلاً في هذا الصراط لَمَا تفرقوا؛ لأنه طريق واحد، ومن حوله سوران يحفظان كل من دخل في الصراط، فلذلك سيكونون جميعاً على استقامة واحدة لن يتشتتوا هنا وهنا، لو التزموا بهذا النطاق فلم يخرجوا عن حدود الله فإن الصراط تلقائياً سوف يوحِّدهم ويجعلهم طابوراً واحداً، كل واحد مع الآخر، والداعي الذي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم، فبجانب كتاب الله الذي يرشد ويوجه ويبين ويفصل وينير، بجانبه قلب المؤمن، هذا القلب قلبٌ قد تصفَّى وتنقَّى فهو لذلك ينبه صاحبه عند كل خلل. إذا جاء الشيطان يريد أن يحرف المؤمن فإن قلبه ينهاه ويعظه، ويذكِّره:((إن الذين اتقوا إذا مسهم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)) إذا طاف بهم الشيطان مجرد طواف فمعهم قلو ب حية، معهم واعظ في الداخل ((تذكروا فإذا هم مبصرون)) لا تلتبس عليهم الأمور، ولذلك جعل الرسول عليه الصلاة والسلام مثل هذا القلب مرجعاً للمسلم في الأمور المشتبهة التي ليس فيها نص واضح، قال: (استفت قلبك) كما في الحديث، وهذا الكلام ليس لكل أحد، إنما هو للمؤمن فقط؛ لأن قلبه يصلح أن يكون معياراً حيث لا نص، أما حيث يوجد النص فعليه أن يلتزم النص، لكن في الأمور المشتبهة التي تُشبِه الحلال في وجه، وتشبه الحرام في وجه، فالمؤمن يكون وقافاً، يعظه قلبه بأن يجتنب ويبتعد - (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، ((قل هذه سبيلي)): فهذه هي السبيل -الصراط المستقيم- الذي بدايته في الدنيا ونهايته في الجنة، والذي سار فيه كل الأنبياء والصالحين من قبلنا. هذه السبيل، السير فيها فيه تبعات وفيه مشقات وفيه أعباء وفيه تكاليف، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح (حُفَّت الجنة بالمكاره) فلا يصمد في السير في هذه السبيل أوفي هذا الصراط إلا من رزقهم الله تبارك وتعالى الفوز والفلاح، يصمدون طوال العمر، بعض الناس قد يثبت سنوات ثم يستثقل الأعباء والتكاليف، فيمرق من باب من هذه الأبواب، التي ليس عليها إلا ستور مرخاة، ما أسهل ما يخرج الإنسان، وبعض الناس -والعياذ بالله- قد يقضي عمره كله وهو يسير في الظاهر أمام الناس في هذا الطريق، ولكنه ليس مُخلصاً من الداخل، فيفضحه الله في آخر عمره فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيخرج في نهاية المطاف، وينزلق إلى سبيل من تلك السبل الشيطانية، فعلى رأس كل سبيل من السبل شيطان يدعو إليه، والناس لهم أهواء متعددة ولهم نظرات مختلفة، والشيطان يأتي كل واحد من الباب الذي يهواه، فيجرجره إلى حيث يلقيه في نهاية المطاف في نار جهنم -والعياذ بالله-.

الثبات على الصراط إنما يكون بتوفيق الله:

لذلك فإن الثبات على الصراط المستقيم أمرٌ فيه مشقة، ومن أجل هذه المشقة، فإن الله تبارك وتعالى كلَّفنا بأن نقول في كل ركعة: ((اهدنا الصراط المستقيم)).

لا يجوز لأحد أن يركن إلى نفسه وأن يقول قد صرت من المسلمين وصرت من المؤمنين، وأصبحت من المجاهدين ومن الداعين إلى الله، لا يطمئن العاقل أبداً، لا يأمن مكر الله أبداً، لا يزال يستشعر أنه في حاجة مستمرة إلى عون الله تبارك وتعالى له، فهو لذلك حين يقول: ((اهدنا الصراط المستقيم)) يستشعر بصدق أنه بحاجة إلى هداية الله تبارك وتعالى، ولذلك حينما يضع المؤمنون رحالهم في الجنة في نهاية المطاف بعد الامتحان الطويل في الدنيا، يتنفّسون الصعداء ويرتاحون؛ لأنهم قد أمنوا فعلاً، وحكى الله عنهم أنهم يقولو ن: ((وقالو ا الحمد لله الذي هدانا لهذا)) -هدانا لهذا الطريق- سرنا فيه حتى وصلنا وأصبحنا في الجنة: ((وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله)) فالمؤمن بحاجة إلى هداية الله، بحاجة مستمرة في كل لحظة إلى تثبيت الله، حتى لا ينزلق: ((يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)) إن تبعات الصراط المستقيم تبعات عظيمة، ولذلك ابتلي بها الأنبياء قبل أن يبتلى بها عامة أهل الإيمان، ومن ضمن من ابتُلي نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث الذي رواه مسلم يحكي الرسول عليه الصلاة والسلام عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: (إني بعثتك لأبتليك وابتلي بك ..) ابتلي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سائر في هذا الصراط، وهو يشقه لهذه الأمة تبعاً للأنبياء الذين سبقوه فهو أول هذه الأمة .. ((قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً ..)) يتبع الأنبياء السابقين، ومن ضمنهم إبراهيم الذي هو إمام الأنبياء ((ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)) فهو أول المسلمين في هذه الأمة، وقد أحاطت به عناية الله، فكان ربنا جل وعلا يوجهه باستمرار بأن يثبت على الاستقامة على هذا الصراط، وأن لا يحيد يمنة أو يسرة ((فاستقم كما أمرت)) ((فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم)).

عروض لو استُجيت لها فهي انحراف عن الصراط:

ومن الأهواء التي كان يراد لها أن تَحْرِف الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا الصراط المستقيم أن قريشاً عرضت عليه كما ورد في الروايات أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة -فنزل الو حي يثبته وينبهه إلى أن لا يلتفت إلى مثل هذا الهوى الذي جاءه من قبل المشركين- أنزل الله عليه قوله: ((قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين)) كرّر هذا المعنى مرة بصيغة الفعل، ومرة بالجملة الاسمية التي تفيد الثبات والاستمرار، حتى يقطع الأمل على الكافرين في أنه يستجيب لهم: ((لكم دينكم ولي دين)) أنا في طريقي لا يمكن أن أنزلق إلى سبيل من سبلكم، ولأهمية هذا الأمر، ولكي يبقى على الذهن دائماً، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع أن تُقرأ هذه السورة مع سورة الإخلاص، وهي سورة التوحيد، أن تُقرأ هاتان السورتان كل يوم، في ركعتي الفجر كما في الحديث الذي رواه مسلم وفي ركعتي المغرب كما في الحديث الذي رواه أحمد، حتى يبقى هذا الأمر في ذهن المسلم باستمرار، أن طريقه متميز، متميز عن طرق وأهواء الكافرين، ومن ضمن الأهواء التي أراد المشركون أن يضغطوا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قالوا له كما ذكرت كتب التفسير: تمسّح بآلهتنا ونحن ندخل معك في دينك -خفَّضوا الطلب لم يقولوا له اعبدها سنة -بل قالوا: تمسح بها- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على إسلامهم فَرَقَّ لهم فأنزل الله تبارك وتعالى عليه قولـه: ((وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره)) كادوا أن يفتنوا من؟! أن يفتنوا الرسول عليه الصلاة والسلام الذي هو مؤيد بالوحي، المعصوم، الداعية الأول إلى التوحيد، إمام هذه الأمة كادوا أن يفتنوه بما عرضوا عليه، لكي يفتري غير التوحيد، مجرد التمسح بالآلهة شرك، وهو افتراء على الله عز وجل، وأقوال النبي وأفعاله منسوبة إلى الوحي، فأنْ يفعل شيئاً خلاف الوحي فهو افتراء على الوحي،: ((وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً)) وفي بعض الروايات أنه كان يريد أن يستلم الحجر الأسود فقالوا له: لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا، حتى تمسح عليها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم في نفسه وما عليَّ لو عملت ذلك والله يعلم مني خلافه -أي: خلاف هذا الفعل- يعلم مني أني لا أؤمن بهذه الآلهة، وإنما فعلت هذا من باب التقريب لهؤلاء الناس، فأنزل الله عليه هذه الآية: ((وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً)).

النية الحسنة لا تبرر العمل المنحرف:

حتى الشيء المظهري غير مقبول، لو قال قائل: إن فعلت فعلاً، والذي في أعماقي بخلافه -هذا غير مقبول في دين الله عز وجل!!، لا بد أن تكون الأقوال، والأفعال كلها سديدة على مقتضى الشرع، ((فاستقم كما أُمرت)) ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم)) النية الحسنة لا تبرر العمل المنحرف، فوجَّه الله تبارك وتعالى هذه الآيات إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لكي يمنعه من أن يلتفت إلى أهواء الكافرين: ((فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم)) .

((وإذاً لاتخذوك خليلاً..)) سيفرحون وسيجعلو نك صديقاً لهم مقرباً منهم لماذا؟! لأنهم خلطوا -خلطوا التوحيد بالشرك- وهذا هو مراد الشيطان أن تختلط الأمور أن تختلط الأوراق، يشق على الشيطان وأعوانه أمر التوحيد: ((وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون)) ((وإذاً لاتخذوك خليلاً، ولو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً)) لو لا أن الله تبارك وتعالى ثبت نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كإنسان يمكن أن يركن إليهم، ويمكن أن يقبل بعض أطروحاتهم، وبعض عروضهم فكيف بغير الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل يليق بأحد أن يثق بنفسه كل الثقة؟ ويقول: أنا لا يمكن أن أنحرف..!! لا يليق بأحد أن يثق بنفسه أبداً، بل عليه أن يظل دائماً ملحاً على الله تبارك وتعالى، واقفاً ببابه يسأله الهداية، يستهديه باستمرار، كان الرسول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الذي رواه مسلم وغيره يقول: (يا مقلب القلو ب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلو ب صرف قلبي على طاعتك) وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم..! ((ولو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات)) هذا وعيد وتهديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره؟ يعني لو حصل هذا سوف نعاقبك عقاباً مضاعفاً؛ لأنك إمامٌ "ونبي": ((إذاً لأذقناك ضعف الحياة)) أي: ضعف العذاب في الحياة الدنيا، ((وضعف الممات)) أي: وضعف العذاب بعد الموت ((ثم لا تجد لك علينا نصيراً))، من أين سيأتي النصر وقد انحرف وخرج عن الصراط المستقيم؟ لا يمكن أن يأتي النصر. وقد عصم الله تبارك وتعالى بنبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فلم يركن ولم يفتن ولم ينحرف، وأتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، لا يوجد أحد منهم معصوم، فلا بد أن ينتبه كل داعية لنفسه وأن يحرص على الاستقامة على نهج الله، وأن يحذر الأهواء لا سيما في هذا الزمان، ففي هذا الزمان كثرت الفتن وتنوعت وتشعبت وتشبَّهت بالحق، كثير من أنواع الضلال أصبحت تتشبه بالحق، فلذلك لا بد أن يكون المؤمن على حذر شديد، وأن يكون ملحاً على الله تبارك وتعالى إلحاحاً شديداً أن يهديه الصراط المستقيم، الواردات كثيرة في هذا الزمان، وهذه الواردات فيها من الضغوط وفيها من الإغراءات الشيء الكثير يقول "السيد قطب" -رحمه الله- عند تفسير هذه الآية وما بعدها كلاماً مهماً، وكلاماً ينبغي لسائر الدعاة أن يضعوه نصب أعينهم ((وإن كادوا لفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره، وإذاً لاتخذوك خليلاً، ولو لا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً، إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات، ثم لا تجد لك علينا نصيراً، وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها، وإذاً لا يلبثون خلافك إلا قليلاً، سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلاً)) يقول:

(يعد السياق محاولات المشركين مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأولها محاولة فتنته عما أوحى الله إليه، ليفتري عليه غيره، وهوالصادق الأمين.

لقد حاولوا هذه المحاولة في صور شتى .. منها مساومتهم له أن يعبدوا إلهه في مقابل أن يترك التنديد بآلهتهم، وما كان عليه آباؤهم، ومنها مساومة بعضهم له أن يجعل أرضهم حراماً كالبيت العتيق الذي حرمه الله، ومنها طلب بعض الكبراء أن يجعل لهم مجلساً غير مجلس الفقراء …

والنص يشير إلى هذه المحاولات ولا يفصلها، ليذكر فضل الله على الرسول في تثبيته على الحق، وعصمته من الفتنة، ولو تخلى عنه تثبيت الله وعصمته لركن إليهم فاتخذوه خليلاً، ولَلَقي عاقبة الركون إلى فتنة المشركين، وهي مضاعفة العذاب في الحياة والممات، دون أن يجد له نصيراً منهم يعصمه من الله.

هذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي محاولات أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً محاولة إغرائهم لينحرفوا -ولو قليلاً- عن استقامة الدعوة وصلابتها، ويرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها في مقابل مغانم كثيرة، ومن حملة الدعوات من يفتن بهذا عن دعوته؛ لأنه يرى الأمر هيناً، فأصحاب السلطان لا يطلبون إليه أن يترك دعوته كلية، إنما هم يطلبون تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق. وقد يدخل الشيطان على حامل الدعوة من هذه الثغرة، فيتصور أن خير الدعوة في كسب أصحاب السلطان إليها ولو بالتنازل عن جانب منها!

ولكن الانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق. وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء منها ولو يسير، وفي إغفال طرف منها ولو ضئيل، لا يملك أن يقف عند ما سلَّم به أول مرة؛ لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطورة إلى الوراء!

والمسألة: مسألة إيمان بالدعوة كلها. فالذي ينزل عن جزء منها مهما صغر، والذي يسكت عن طرف منها مهما ضؤُل، لا يمكن أن يكون مؤمناً بدعوته حق الإيمان. فكل جانب من جوانب الدعوة في نظر المؤمن هو حق كالآخر. وليس فيها فاضل ومفضول. وليس فيها ضروري ونافلة. وليس فيها ما يمكن الاستغناء عنه، وهي كل متكامل يفقد خصائصه كلها حين يفقد أحد أجزائه. كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره!.

وأصحاب السلطان يستدرجون أصحاب الدعوات، فإذا سلموا في الجزء فقدوا هيبتهم وحصانتهم، وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة، وارتفاع السعر ينتهيان إلى تسليم الصفقة كلها! .

والتسليم في جانب ولو ضئيل من جوانب الدعوة لكسب أصحاب السلطان إلى صفها، هو هزيمة روحية بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة، والله وحده هو الذي يعتمد عليه المؤمنون بدعوتهم. ومتى دبت الهزيمة في أعماق السريرة؟ فلن تنقلب الهزيمة نصرا.. ؟! ) ا هـ.

إن بعض الدعاة في هذا الزمان وقعوا في الفخ جاءتهم الواردات، ففي خلال هذا القرن فقط جاءتنا القومية، وجاءتنا الاشتراكية، وجاءتنا الديمقراطية، هذه فقط نماذج لقليل من الواردات، وإلا فالواردات والفتن كثيرة وبعض الدعاة انزلق فحاول أن يلفق بين القومية والإسلام، وأن يبين أنه لا تصادم بينهما ولا تناقض، مع أن الإسلام كما قلنا دين العالمين، ليس ديناً قومياً، وبعضهم حاول أن يلفق بين الإسلام والاشتراكية..! فأخذ يحاول أن يلوي النصوص، وأن يتأول بعض الآيات وبعض الأحاديث لكي تتفق مع هذا الوافد الغريب الذي جاء من اليهود والنصارى! .

الرضا بديمقراطية الغرب انحراف عن الصراط:

وبعضهم حاول كذلك أن يلفق ما بين الإسلام والديمقراطية، طبعاً هذه الدعوات مع مرور الأيام سقطت وطاحت، وانكشف للناس أنها زيف، وأنه لا يمكن أن يلتقي الإسلام بالدعوة القومية الجاهلية، ولا أن يلتقي الإسلام بالدعوة الاشتراكية التي أسسها اليهود والنصارى، وكذلك مع مرور الأيام سيعرف الناس زيف الديمقراطية، وإن كانوا اليوم منبهرين بها، ولا أقول بأن الجميع منبهرون ولكن البعض قد انبهر، (قل هذه سبيلي) سبيل الله واضح، كيف يمكن أن يلتقي سبيل الله الذي بدايته ونهايته ومساره التوحيد، مع الديمقراطية التي هي شرك؟ الديمقراطية: التي هي حكم الشعب نفسه بنفسه، الشعب يحكم نفسه، وكأن هذا الشعب قد خَلَق نفسه، يعني أن الشعب صار إلهاً! عندنا في الإسلام الحكم لله وحده ((إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم)) هذا هو الدين القيم أن يكون الحكم لله وحده،الحكم في الديمقراطية كما يزعمون للشعب، ثم يقولون الشعب يختار مجموعة نيابة عنه لكي يحكموا، فهؤلاء المجموعة يُشِّرعون بمعنى أنهم يحللون ويحرمون، وهذا التشريع إنما هو لله وحده، الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الحسن بيَّن ذلك لعدي بن حاتم حينما قرأ عليه: ((اتخذوا أحبارهم ورهباناً أرباباً من دون الله)) فقال عدي: إنهم لم يعبدوهم، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم (ألم يحرموا عليهم الحلال ويحرموا عليهم الحلال؟ فتلك عبادتهم إياهم) وفي الديمقراطية تُشِّرع الأغلبية، وحتى في ديار المسلمين يأتيهم العالم بالنص، ويراجعهم فيقولون له العبرة بالتصويت، والحكم للقاعة.

.................................................                                          

أ- التشريع:

فالتشريع بغير ما أنزل الله شرك والقبول بهذا التشريع نوع من العبادة: ((أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) فالديمقراطية هذه حقيقتها أنها تشريع يشرعه العبد للعبد، والله هو الذي خلق وهو الذي يُشرِّع: ((ألا له الخلق والأمر)) فكما أنه هو الذي خلق فهو الذي يأمر، وهؤلاء الذين يريدون أن يُشرِّعوا على الطريقة الديمقراطية، الأصل أولاً أن يخلقوا لهم عبيداً ثم يُشرِّعوا لهم، أما أن يُشَّرعوا ِلعَبيدٍ خلقهم الله تبارك وتعالى فهذا لا يصلح، الديمقراطية التي أصبح بعض الدعاة يدعو إليها هي في جوهرها كما قلنا تحكيم لغير الله هذا هو جوهرها، ثم بعد ذلك إذا حلَّت في ديار فإنها تعطي الناس الحرية -الحرية المطلقة- ليست حرية مقيدة بشرع الله؛ لأنها أصلاً لا تعترف بشرع الله.

.................................................                                          

ب- فتح المجال لفرق وأحزاب الضلال:

في ظل هذه الديمقراطية في بلاد المسلمين نشطت الحركات الباطنية بعد أن كانت ضعيفة، لو جاء شخص يعترض على هؤلاء الباطنية يقال له الرأي والرأي الآخر، التعددية، السماح بالحزبية، لا تستطيع أن تحجر على الآخرين، نشط الروافض الاثنا عشرية الذين يزعمون أن القرآن ناقص وأن القرآن محرَّف، وأن هنالك قرآنا آخر كان عند فاطمة، ويزعمون العصمة لاثني عشر إماماً، ويُكفِّرون الصحابة، ولهم بلايا كثيرة حتى قال ابن تيمية رحمه الله عنهم: " بأنهم أكفر من اليهود والنصارى" هؤلاء نشطوا في ديار المسلمين؛ لأن كلامهم رأي آخر، وفي ظل الديمقراطية لا يجوز لك أن تتحجر الرأي وتمنع غيرك، نشطت حركات التنصير في ديار المسلمين، حتى في داخل جزيرة العرب التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) كما في الحديث الصحيح، حركات التنصير في ظل الديمقراطية نشطت في بلاد المسلمين؛ لأن هذا رأي من الآراء، ولا يجوز أن تحجر عليه، ولا أن تمنعه، نشط العلمانيون والأحزاب العلمانية، وأخذت هذه الأحزاب تتبنى أفكارها وتنشرها بعضهم يتبنى الفكر الاشتراكي، يزعم أن الإسلام لم يأت بنظام اقتصادي يصلح في هذا العصر فهو لذلك يتبنى الفكر الاشتراكي، وهويدعوا إليه، لا تستطيع أن تمنعه؛ لأن الديمقراطية تفرض عليك أن تدعو في طريقك وهو يدعو في طريقه، انتشر غلاة الصوفية كذلك في ديار المسلمين، لا يستطيع أحد أن يمنعهم، بعضهم يقر بوحدة الوجود فيقول:

أنا من أهوى ومن أهوى أنا
فإذا ابصـــرتني أبصرته

 

 نحن روحــــــان حللنا بدنا
 وإذا
ابصـرتـه ابصـــــرتنا

 

يعني أن الله حَلَّ فيه وهو حَلَّ في الله -والعياذ بالله- انتشر مثل هذا الفكر في ديار المسلمين في عصر الديمقراطية، كانت مثل هذه الأفكار قد اختفت في الماضي في كثير من الديار، ولكن في ظل الديمقراطية انتشرت كثير من الضلالات وكثير من الرزايا، وعششت وفرخت في ديار المسلمين، لا يستطيع أحد أن يقف في وجه تيار من هذه التيارات، لو وقف لقالوا لـه: أنت لا تؤمن بالديمقراطية..!!، وبعض الدعاة انزلق في هذا المنزلق فأخذ يطبل للديمقراطية، وأخذ يؤصل لها وأخذ يفلسفها، وأخذ يصنع فقهاً جديداً، بأن هنالك ثوابت لا ينبغي تجاوزها، وبأنه يسمح للرأي والرأي الآخر وكذا وكذا ..!! والحقيقة أنه لا ضوابط ولا ثوابت كما نرى في الواقع.

.................................................                                          

ج- تولية غير المسلم:

والتداول السلمي للسلطة، ما معنى التداول السلمي للسلطة؟ يعني أنه لو نجح علماني، فإنه يجوز له أن يتولى السلطة في ديار المسلمين. هذا كله غريب على الإسلام والمسلمين، والله يقول: ((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)) ويقول: ((إن الحكم إلا لله)) ويقول ((وأولي الأمر منكم)) هذا كله غير مقبول في شرع الله، هذا كله بعيد عن سبيل الله (قل هذه سبيلي)، الرسول صلى الله عليه وسلم طلبوا منه بعض التنازلات فحذره الله من أن يركن إليهم ((وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً)) سيرتاحون منك، ويقولون نحن وإياك على طريق واحد، كانت دعوتهم تلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم شبيهة بهذه الدعوة الديمقراطية، يترك لهم المجال ولأصنامهم ويتركون له المجال، لكنه أبى إلا أن تكون كلمة الله هي العليا، لم يقبل بأي تنازل أبداً.

.................................................                                          

د- التحالف مع غير المسلمين بلا ضوابط والمساواة في الانتخابات:

اليوم في ظل هذه الديمقراطية تصوروا أن بعض الناس أصبح يمد يده للكفار ويعقد معهم اتفاقات، واحد من هؤلاء وهو الترابي وقع اتفاقية مع جون قرنق هذا الرجل الحربي، هذا الرجل النصراني المعروف الذي يقاتل الإسلام والمسلمين لسنوات كثيرة، الترابي أوصلته ديمقراطيته إلى أن يوقع اتفاقاً مع كافر حربي! فأين الثوابت التي يزعمونها؟! فقه جديد، فقه بعيد عن دين الله عز وجل وعن الصراط المستقيم، هكذا تتحول الأمور، وهكذا تنقلب، لا فرق بين هذا وهذا، الرأي والرأي الآخر، هذا رأيه الإسلام، وهذا رأيه الكفر، لا مانع من التعايش في ديار الإسلام، وليست الصدارة للإسلام، بل لا مانع من توقيع الاتفاقات، رأي العالم كرأي الجاهل، هذا صوته في الانتخابات أوفي المجالس يشكل رقماً واحداً، وهذا صوته يشكل رقماً واحداً، هل الإسلام يقبل بهذا؟ ((هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) هكذا يقول الله سبحانه وتعالى، ويستوي عندهم المسلم والكافر! أو المسلم والمرتد! أو المسلم والعلماني! هذا له صوت وهذا له صوت! عند التصويت على مستوى الشارع، أو عند التصويت على مستوى المجالس، مع أن الله يقول: ((أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون)). من البلاء أن بعض الدعاة إلى الله انزلق في هذا المنزلق!!! تبدأ الأمور بالتنازل خطوة، ثم ينتهي الأمر بالبُعدِ تماماً عن منهج الله وعن صراط الله المستقيم، فلذلك كان الثبات على الصراط فيه مشقة، ((اهدنا الصراط المستقيم)) نحن نقول هذا في كل ركعة، لان الثبات فيه مشقة، ولا سيما في آخر الزمان القابض على دينه كالقابض على الجمر، الضغوط شديدة، يستوحش الشخص لا يجد معه من يسنده، فيستوحش في الطريق، فيأتي الشيطان فيغريه ؛ لأن يمد يده ذات اليمين أوذات الشمال، ولو خرج من هذا السور، أومن هذا السور، فإلى أين سيذهب؟ سيخرج إلى خارج الطريق -والعياذ بالله- ومن مظاهر الاستيحاش أو الوحشة أن بعضهم أخذ يجمع ويُلَفْلِف..!!! لم يكتف بأهل الإيمان، لأن أهل الإيمان لا سيما الذين يثبتون وقت الشدائد قلة، فلذلك أراد أن يستكثر من الأعداد، فقالوا: -مثلاً- قضية فلسطين قضية مصيرية وقضية مركزية، فلماذا لا نلُمُّ جميع التيارات وكل القوى للمواجهة؟، وهذا أيضاً أثرٌ عن هذا الفكر المتميع، أثر عن الفكر الديمقراطي فقالوا: لا نكتفي بالإسلاميين، لماذا لا نضم القوميين، والعلمانيين، والروافض ومن هب ودب؟! المهم من يؤيد قضيتنا ولو خالفنا في عقيدتنا! فكوَّنوا كياناً للدفاع عن فلسطين والدفاع عن القدس، ونسوا أن الله تبارك وتعالى لا يصلح عمل المفسدين، وأن الله تبارك وتعالى قال لنبيه: ((هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)) ولم يقل بالمُلَفْلَفين، فالنصر لا يمكن أن يأتي إلا من الله، والله لا يمكن أن ينصر إلا المؤمنين، فإذا خلطنا من أين سينزل النصر؟ إذا خلطنا المنافقين، والروافض، والمؤمنين والعلمانيين، من أين سيتنزل النصر؟ في غزوة أحد عصى بعض الصحابة فكانت النتيجة تلك الهزيمة، أدبهم الله بتلك الهزيمة مع أن قائدهم محمد صلى الله عليه وسلم مما يدل على أن هذا الخلط لا ينفع، إذا خُلِط مع الحديد غيره من المعادن الضعيفة، فإن السبيكة تكون ضعيفة لا تثبت ولا تصمد، إذا بنيت بناءً فأتيت بالحجر المُسّوى وأتيت بالحجر غير المسّوى، وآتيت بقطعة طوب أولبن، وأتيت بقطعة خشب، وأتيت بحديدة وأتيت بكرتون، ثم جمعت الحجر المسوَّى مع غير المسوَّى مع قطعة اللبن مع قطعة الطوب مع الخشب مع الحديد مع الكرتون وبنيت جداراً! هل يثبت هذا الجدار؟! لا يمكن أن يصمد!! لا يصمد إلا الجدار المتجانس الذي تبنيه إما من طوب محْكم وإما من لبن محكم وإما من حجارة محْكمة، أما هذا الخليط فإنك لا تستطيع أن ترفع جداراً منه فكذلك الذين يريدون أن يخلطوا وأن يواجهوا، لا يمكن أن يتم لهم شيء من هذا.

التحالف مع غير المسلمين له ضوابط وشروط:

يقولون تجوز الاستعانة بغير المسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم قد استعان ببعض المشركين وعاهد اليهود؟! نقول لهم: الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا حين كان قد أقام دولة الإسلام، وأوجد كياناً قوياً متجانساً متماسكاً وبنياناً إسلامياً مستقلاً وجداراً إيمانياً ثابتاً من أهل الإسلام، وهؤلاء الآخرون جعلهم من بعيد كالسياج، انظر -مثلاً- في مجرى السيل -إذا أردت أن تبني حاجزاً يصد السيل فإنك تبنيه بناءً محكماً من وحدات متجانسة- تبنيه مثلاً من حجارة متجانسة -بناءً قوياً، ثم بعد ذلك في أسفل الجدار يمكن أن تضع أحجاراً غير مُسوَّاة، يمكن أن تأتي ببعض الحطب في أسفل الجدار، لأنك قد بنيت الجدار الممتاز، وتستفيد من هذه الأحجار غير المسواة، أوالحطب أوبعض الشوك، لأن الجدار الممتاز قد قام، أما حين لا يكون معك جدار فإنك حين تجمع هذه الأخلاط لا تستطيع أن تبني جداراً أبداً. الرسول صلى الله عليه وسلم إنما تَحَالف مع هؤلاء أو استعان ببعض هؤلاء بعد أن أقام كيان الإسلام إقامة محكمة، ولم يدخلهم إلى الصف الإسلامي ولا إلى صلب التكوين الإسلامي أبداً. وبعض العلماء يقول: إن هذا قد نسخ، والذين يجيزون الاستعانة بغير المسلمين يضعون شروطاً، وليس كيفما اتفق، يضعون شروطاً: أن تكون السلطة والسيطرة للإسلام، وأن يكون هؤلاء الذين يستعان بهم من الذين يحسنون الظن بالإسلام، وأن لا يوضعوا في أماكن مؤثرة، إنما يكونون شبه الخدم وهكذا، هذه من ضمن الشروط، والخلاصة أن هذا الفكر المتفتح إنما جاء نتيجة للوحشة، لأن السير في الطريق المستقيم فيه أعباء وفيه مشقة، والذين يسلكون هذا الصراط هم قلة، فبعض الناس يستوحش ويريد أن يجني الثمرة بسرعة، يريد أن يصل إلى النتيجة عاجلاً، فلذلك يخلط، وهذا الخلط لا يمكن أن يوصل إلى نتيجة أبداً. (قل هذه سبيلي) فيها مشقة فيها تعب فيها ابتلاء شديد، يقول الله سبحانه: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلو ا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين واللذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)) .

لا نقبل من غير المسلمين مالا يتفق مع ديننا:

الرسول صلى الله عليه وسلم عرض عليه المشركون هذا الخلط قالو اله: كما في الحديث الذي رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص: ( اطرد هؤلاء -أي: ضعفاء المسلمين- لا يجترئون علينا، يعني: نحن سندخل معك لكن أخرج هؤلاء، يريدون أن يدخلوا بأفكارهم)، وفي بعض الروايات (أنهم قالوا له فإذا خرجنا من عندك فشأنك وشأنهم) يعني: لا باس أن تجلس معهم أي سمحوا ببقائهم بشرط، وسيدخلون هم في التكوين على علاتهم دون أن يتخلوا عن أفكارهم، فأنزل الله عليه قوله: ((ولا تطُرد الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)) والآية الأخرى من سورة الكهف ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وأتبع هواه وكان أمره فرطا)) اصبر نفسك تحمَّل المشقة- ((اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ........ ولا تعد عيناك عنهم)) لا تلتفت يمنه أو يسره ((ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا)) هل سينفعك هذا الخاوي الذي خوى قلبه عن ذكر الله؟! هذا عبارة عن عبء فوق ظهرك لا يمكن أن ينفعك، ولا يمكن أن يخدم أهداف الإسلام، ولا يمكن أن يوصلك إلى غاية: ((ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً، وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) لسنا حريصين على أن نُدخل من هب ودب، الذي يريد أن يدخل في الإسلام بهذه التبعات ويتحمل هذه المكاره فليتفضل، والذي لا يريد أن يتحمل فهو وشأنه (قل هذه سبيلي) فهذه هي سبيل الله هذا هو الطريق المستقيم، هذا هوالصراط، ليس فيه تنازلات أبداً.

الاعتزاز بالدين وعدم التنازل:

ومن يتنازل فإنما يتنازل من تلقاء نفسه، أما أن تنازله حجة على دين الله فليس بحجة على دين الله، أبداً، (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) أدعو إلى الله، والداعية بعد أن يثبت هو على الصراط يدعو الآخرين، أما أن يتزلزل هوثم يدعوالآخرين فإن فاقد الشيء لا يعطيه، لا بد أن يكون صلباً متماسكاً، لا يكون مداهناً، لا يكون دهناً يسيل عند أول حرارة:((ودوا لو تدهن فيدهنون)) لا بد أن يكون ثابتاً وبعد أن يكون ثابتاً يدعو((أدعوا إلى الله على بصيرة)) والدعوة إلى الله هي أشرف الوظائف ولذلك كانت هي وظيفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم خير البشر، ويأمر الله نبيه أن يقول هكذا: ((قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)) فكل أتباعه –أيضاً- لا بد أن يكونوا دعاة إلى الله عز وجل، كل من تشرف بالالتحاق بركب الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد أن يحرص أن يكون داعية: ((ادعوا إلى الله على بصيرة)) ((ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله)) ليس هناك قول أحسن من الدعوة ((وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)) يعتز بإسلامه، لا يقول أنا ديمقراطي، أنا لا أنزلق في التكفير، كل الناس عندي سواسية، صحيح أنه لا يجوز أن يتسرع المسلم في التكفير، أي: في تكفير المسلم، أما الكافر فيجب أن تكفّره، شخص كافر بنص كتاب الله أوبنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يجب أن تكفّره وإلا أنت بنفسك تكون في شك في النصوص التي تكفِّر الكافرين، تكون قد وقعت في الخلل، لا بد أن تعتز بعقيدتك، لا بد أن تعتز بدينك، لا بد أن تعتز بإسلامك وتُفَاصِل غير المسلمين ((وقال إنني من المسلمين)).

من مظاهر الفقه الديمقراطي:

كثير من الناس اليوم أصبح بدلاً من أن يدعو إلى الله يدعو إلى الديمقراطية أصبح فقههم أن يدعوا إلى الرأي والرأي الآخر ويؤصِّلوا لذلك، وأن يدعوا إلى المجتمع الديمقراطي المدني، والتداول السلمي للسلطة والمساواة بين الرجال والنساء!! وإلى الاهتمام بالانتخابات المحلية، والنيابية، والرئاسية، والنقابية، وغيرها التي شغلت الناس عن المنكرات وأهدرت الأموال والطاقات واستهلكت كل شيء دون أن تغير شيئاً. تحول الفقه إلى طريق آخر! هذه مصيبة هذا انحراف.

من سبيل الله الدعوة إلى الله على بصيرة:

دعو إلى الله) لا إلى فكر فلان ولا إلى فكر علان ((ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)) والدعوة إلى الله لا بد أن تكون على بصيرة، ومن البصيرة أن تكون عالماً بالواقع، وعالماً بالشرع، لا يصلح أن يدعو الشخص وهو جاهل، كيف تخرج في الدعوة إلى الله وأنت تجهل ما تدعو إليه، لا بد أن تدعو إلى شيء أنت تعلمه أولاً، إذا أتقنت شيئاً فادع إليه، أتقنت آية ادع بهذه الآية بلغها. ففي الحديث الذي رواه البخاري يقول عليه الصلاة والسلام (بلغوا غني ولو آية) بعد أن تتقنها تلاوة ومعنىً، بلّغ هذه الآية، أما وأنت جاهل فلا، أنظر إلى الطبيب هل يقبل منه أن يُجرِي عملية قبل أن يدرس الطب ثم بعد ذلك يتدرب ثم بعد ذلك يشرف عليه أطباء أكبر منه، لا بد أن يمر بهذه المراحل حتى يجري العملية، وكذلك التكلم باسم الإسلام، ليس كل من هب ودب يتكلم باسم الإسلام، هو تخصص كذلك، لا بد أن يدرس الذي يريد أن يتكلم باسم الإسلام، كذلك هل يأتي أي شخص من الشارع ويقفز إلى غرفة القيادة يسوق السيارة قبل أن يتدرب؟، لا، لا بد أن يتدرب وإلا فإنه سوف يقود السيارة بمن فيها إلى الهلاك، فكذلك الذي يريد أن يدعو إلى الله لا بد أن يتعلم قبل أن يدعو، ولذلك قال الله ((على بصيرة))على علم بما يدعوإليه، على علم بالشرع، وأيضاً على علم بالواقع، في بعض الأحيان قد يكون هنالك ضباب ويظن سائق السيارة أن أمامه أرضاً مستوية فيقفز من رأس الجبل ؛ لأنه لا يدري بالواقع، وكذلك بعض الدعاة قد لا يعرف الأولويات بسبب جهله بالواقع، لا بد أن يتنزل كلامه على الواقع، فلا يدعو إلى الصلاة أناساً عندهم شك في الإيمان، كيف يدعوهم إلى الصلاة وليس عندهم التوحيد؟ كيف يكلم بعض الناس في السنن وهم مفرطون في الفرائض؟ لا بد أن يكون على علم بالواقع، ولا بد أن تكون دعوته مناسبة لعقول الناس، لذلك حينما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن كما في المتفق عليه قال له: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب فادعهم إلى لا إله إلا الله، فإن هم أجابوك فأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم، وترد إلى فقرائهم ) وهكذا بالتدرج، العلم بالواقع مهم وهو جزءٌ من البصيرة، ((ادعوا إلى الله على بصيرة))من البصيرة كذلك الحكمةُ أن يكون الإنسان حكيماً، يقول ابن مسعود رضي الله عنه كما في مسلم (ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم)، أن تكون أيضاً قدوة وألا تدعوهم إلى شيء وأنت تعمل غيره، فلا بد أن تكون قدوة: ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلو ن الكتاب أفلا تعقلون))وهكذا.

والدعوة إلى الله تبارك وتعالى لها آدابها ولها ضوابطها، ولابد للداعية إلى الله عز وجل من أن يدعو إلى الله على بصيرة بهذه الآداب والضوابط، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعاً إلى ما يرضيه وأن يجعلنا من الثابتين على الصراط المستقيم الداعين إليه على بصيرة وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم .

 .................................................                                   


أسئلة المحاضرة

 

س: ديمقراطيتنا هي الديمقراطية الشوروية المتفقة مع الإسلام. فما قولكم؟

ج: الذين صنعوا الديمقراطية وأبرزوها وأدخلوها إلى البلد يفسرونها كما يشاءون هم، وأنتم تفسرونها بأنها ما يقارب الشورى فسيبقى لكم تفسيركم الخاص، والناس تصبُّ في آذانهم وسائل الإعلام كلها، والناس يسمعون هذه الوسائل كلها تنشر الديمقراطية على ما هي عليه في الغرب، وليس كما تريدونها أنتم، وأنتم حين تريدون أن تلفقوا فيها شيئاً إضافياً لا يسمع لكم إلا القليل ثم حتى الذين يسمعون لكم هل استطعتم أنتم وهم أن تفرضوا رأيكم هذا؟ لا لن تستطيعوا. الانحراف على أوسع نطاق، وكل إنسان يفعل ما يشاء ويقول أنا حر في ظل هذه الديمقراطية، وسواءً كان انحرافاً فكرياً أوانحرافاً عملياً، هل استطعتم بفكركم هذا الملفق أن توقفوا الانحراف أو أن تجمدوه أوأن توقفوا الانهيار؟ لن تستطيعوا أن تفعلوا شيئاً من هذا، فلذلك هذا التلفيق إنما يوفر غطاءً ديمقراطياً للانحراف ويعطيه شرعية بنظر المنفلتين ؟ ولماذا هذا الخلط ؟والله يقول: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولو ا قولاً سديداً)) أي: أن المطلو ب من المسلم أن يقول القول السديد الذي ليس فيه شوائب ولا تلفيق ((وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم)) فالعمل يترتب على النظرية، أنت قبل أن تعمل لابد أن يسبق عملك تصور ونظرية وكلام، فإذا كان الكلام غير سديد فإن العمل -أيضاً- ينتج عنه ويكون غير سديد. نحن عندنا في الإسلام نظام متكامل، عندنا شيئاً اسمه الشورى لسنا فقراء حتى نستورد من الآخرين ونلفق، لا نحتاج إلى الاستيراد والتلفيق. نكتفي بما عندنا من دين وبما عندنا من تفاصيل عنه ((ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيئاً)) وقد نهى الله المسلمين أن يقولوا ((راعنا)) وهي كلمة، حتى لا يتشبهوا باليهود قال: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقولو ا راعنا وقولو ا انظرنا)) فالمسلم متميز. أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتميزوا في كل شيئاً حتى في لبسهم، حتى في أشكالهم، قال صلى الله عليه وسلم: ( اليهود لا يصلو ن في نعالهم صلو ا في نعالكم )، ( اليهود لا يصبغون لحاهم، اصبغوا )، اليهود كانوا يصومون يوم عاشوراء فخالفهم وقال: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) مخالفةٌ في كل ما يمكن المخالفة فيه، هذا هوجوهر الإسلام ((اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)) لا نستورد من المغضوب عليهم، ولا من الضالين. هل سوف يهدوننا وقد ضلوا؟ هل سوف يقربوننا من الله وقد غضب الله عليهم؟ لا يمكن أن يأتونا بخير، ونحن أغنياء لا نحتاج إلى الاستيراد منهم لا للديموقراطية ولا لغيرها. نحن أغنياء في الأحكام الشرعية، لا نحتاج إلى الاستيراد أبداً ولا إلى التلفيق، والذين يستوردون بحسن نية نقول لهم: حسن النية لا يبرر الغلط، لابد أن تكون النية حسنة، ويكون العمل أيضاً حسناً،وعندنا تجربة، الآن صار للديموقراطية عندنا عشر سنوات. ماذا جنينا ؟ هذه الانتخابات التي كانت قبل أشهر، كم سفك فيها من دماء؟ وهؤلاء الذين وصلوا للمجالس المحلية ونجحوا، ماذا سيغيرون، وماذا سيصنعون؟؟ وما هي وسائل التغيير التي بأيديهم؟ هي عبارة عن ملهاة للناس ومشغلة، هذا يشتبك مع هذا، وهذا يصطرع مع هذا، وقد جربت بلدان قبلنا كثيرة هذا الأمر "الديمقراطية الصحيحة" بدون تزوير هي في بلاد الغرب، وبعيوبها، وهي لا يمكن أن تصل إليكم، وكأن الله تبارك وتعالى لا يريدها أن تدخل ديار المسلمين بما فيها من إيجابيات وسلبيات وإنما تدخل بالسلبيات لماذا؟ لأن الله يريد للمسلمين أن ينهضوا بالإسلام لا أن ينهضوا بغيره؟!!، ولذلك لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فالمسلمون لا يمكن أن يصلحوا إلا بالإسلام، والرسول عليه الصلاة والسلام ذكر المراحل هكذا، قال بأن المرحلة الأولى: كانت نبوة كما في الحديث الصحيح، ثم تبعها خلافة على منهاج النبوة، ثم تبعها ملْك عضوض وهو الملْك الذي فيه عض وقبضٌ على السلطة، الملِك يقبض على السلطة لأسرته كلها، فيوصي بولاية العهد لابنه والولد عندما يصير ملكاً يوصي لابنه وهكذا عضٌّ على السلطة، أسرةٌ تعضّ على السلطة، ثم المُلك الجبري، وهو الانقلابات العسكرية،من عنده قوة ويستطيع أن يجبر الناس يصير ملكاً عليهم، ثم بعد ذلك خلافة على منهاج النبوة في آخر الزمان، ونحن الآن في مرحلة الملك الجبري . هل تصدقون أنه في مرحلة الملك الجبري ستمنح السلطة للناس عن طريق الديمقراطية؟ لا يمكن، والعالم الإسلامي قد جرّب، في تركيا والجزائر ومصر والأردن واليمن، وفي بلدان كثيرة، لا تمنح السلطة للشعوب، لا يمكن أن تمنح أبداً عن هذا الطريق، وهو ملك جبري وسيستمر إلى أن يأذن الله لعودة الخلافة الراشدة، والخلافة الراشدة لن تعود بالأسلو ب الديمقراطي.

س: ما حكم جمع الصلاتين في وقت واحد قبل خروجك من المدينة التي تنوي الخروج منها. علماً أن إحدى الصلاتين ستدركني في الطريق قد لا أستطيع أداءها في حالة السفر، أفيدونا؟

ج: الرسول عليه الصلاة والسلام لم يثبت أنه جمع في منطقة الانطلاق للسفر على حد علمي وإنما كان يجمع بعد أن يخرج، فأنت في نقطة الانطلاق لا تجمع من أجل السفر، وإنما يمكنك أن تجمع لسبب آخر وهو أنك في الطريق لا تستطيع أن تنزل من السيارة ؛ لأنك في الغالب تركب مع سائقين لا يسمحون بالنزول، فهذا قد يكون مبرراً ؛ لأن تجمع ويكون دليلك الحديث المتفق عليه الذي رواه ابن عباس وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر وفي رواية ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك ؟ قال: أراد ألاَّ يحرج أمته، فأنت الآن وقعت في الحرج، تخشى إذا ركبت في السيارة ألاّ يَسمح لك صاحب السيارة بأن تنزل، فيمكن أن يكون هذا مبرراً والله أعلم، مع أنه يمكنك في الطريق أن تقول له، أنا أريد أن أصلي لأني لم أصلِّ هذا الفرض، فإذا رفض يمكنك أن تصلي حتى على الو ضع الذي أنت عليه داخل السيارة ولو كنت جالساً وهو الآثم .

س: صليت صلاة العشاء بعد المغرب مباشرة ً مع مجموعة عندما رأوا استمرار المطر، علماً أن إمام المسجد رفض أن يجمع لنا والمطر شديد، فما حكم صلاتي؟.

ج: إذا كنتم في داخل المسجد فلا ينبغي أن يتفرق الناس داخل المسجد، بل عليهم أن يُقنعوا الإمام بالجمع، أما أن يظهروا بشكل جماعة، فالإمام في جهة، ومجموعة هناك يصلون في جهة فهذا لا ينبغي، الإمام هو المرجع داخل المسجد، فينبغي أن يقنعوه وأن يصلوا جماعة واحدة وإذا لم يقتنع الإمام، فيقولون له نستفتي عالماً أو نحتكم نحن وإياك إلى عالم، ولا يجوز تشتيت الناس في المسجد.

س: ذكرت في المحاضرة أن النية الحسنة لا تبرر العمل المنحرف وبعض الطوائف من المسلمين يرتكبون بعض المخالفات الظاهرة بحجة النية الحسنة . ما تعليقكم على هذا؟

ج: ذكرنا أن هذا لا يجوز،لا يجوز أن يرتكب الإنسان معصية ويقول أنا نيتي حسنة، هذا غير مقبول، لابد أن يحسن العمل ويحسن النية .

س: ما رأيكم فيما قاله رئيس ليبيا في القمة العربية بأن تضم إسرائيل إلى الجامعة العربية؟

ج: هؤلاء لن يقدموا ولن يؤخروا، وفي الحقيقة يوجد فيهم علمانيون، وما الفرق بين اليهودي والعلماني؟ فلو انضمت إسرائيل سيزيد رقم فقط، فإذا انضم كتابي إلى علماني فلا يوجد فرق.

 س: لماذا لا نعتبر أن الديمقراطية بغض النظر عن التسمية هي الوسيلة لتحقيق الشورى الإسلامية؟

ج: هل الإسلام لا توجد له وسائل؟ بعض الناس من الجهلة يقول: في الفقه الإسلامي السياسي فقر، لأنه هو جاهل أصلاً، ما اطلع ولا درس، فيظن أن هناك فقراً في الفقه السياسي للإسلام، علماء ألفوا وتكلموا كلاماً طويلاً عريضاً، تكلموا على أهل الحل والعقد وعلى الشورى وتطبيقاتها ووسائلها، كلاماً كثيراً ومؤلفات كثيرة، فهل لا نستطيع تطبيق الشورى إلا بأسلوب مستورد؟

قال تعالى: ((ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيئاً)) وعلماء المسلمين اجتهدوا اجتهادات واسعة، فلا نحتاج إلى الاستيراد.

س: فإذا رفضنا الديموقراطية فما هي الوسيلة لتحقيق الشورى في هذا العصر ؟

ج: أولاً أوجد السلطة الإسلامية، ثم سأقول لك كيف ستحقق الشورى، أما في ظل أي سلطة لا تحتكم إلى الشرع ونريد منها أن تنفذ الشورى فهذا لا يمكن، لا يمكن لأنها تريد الحكم الجبري، فلا يمكن أن تنفذ الشورى ونيتها الحكم الجبري لن تنفذ لا شورى ولا حتى ديمقراطية، أعطوني دولة في ديار المسلمين تنفذ حتى الديمقراطية الغربية النزيهة، لا توجد ولا دولة، أليس هذا هو الواقع؟ فلماذا المغالطة، لا تطبيق في الحقيقة لا للشورى ولا للديموقراطية، والمروجون للديموقراطية يخلطون في دينهم ما ليس منه بدون فائدة.

س: ما رأيكم فيمن يقول بأن الروافض إخواننا وأننا يجب أن نوادهم ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ؟

ج: ( يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) هذه القاعدة تصلح لأهل السنة والجماعة،هذا له رأي في مسألة فرعية بسيطة، وهذا له رأي، فهنا يعذر بعضنا بعضاً، هؤلاء أهل السنة والجماعة، المفروض أن نكون شيئاً واحداً، ويعذر بعضنا بعضاً مع( التناصح) لكن الشيعي الذي يقول لك: بأن الصحابة ارتدوا ولم يبق إلا أربعة المقداد وأبو ذر وسلمان وعمار، فهذا كيف تعذره ؟ هذا يُكذِّب بالقرآن الذي يقول ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)) هكذا يقول عنهم، ويقول: ((وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار)) يأمرنا القران باتباعهم ويقول هؤلاء أئمتكم فإذا أردتم الجنة فاتبعوهم بإحسان، والشيعة الروافض يقولون: لا هؤلاء قد كفروا، ولم يبق إلا أربعة أشخاص، القران في موضع آخر مدح المهاجرين وختم الآية بقوله: ((أولئك هم المفلحون)) ومدح الأنصار وختم الآية بقوله: ((أولئك هم الصادقون))ثم قال: ((والذين جاءوا من بعدهم)) يعني الأجيال إلى يوم القيامة: ((يقولو ن ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)) يعني أننا نعترف لهم بالإيمان، وندعوا لهم؛ لأنهم سبقونا بالإيمان،وكانوا سبباً في هدايتنا،والإسلام ما وصل إلينا إلا بسببهم، الروافض يقولون لك: لا.. هؤلاء مرتدون! فكيف نعذر هؤلاء وهم يكذبون بالقرآن؟ ويقول تعالى: ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة)) كم كان هؤلاء المؤمنون؟ هل كانوا أربعة أشخاص؟ لقد كانوا ألفاً وأربعمائة كما في الحديث، وهؤلاء يكفرونهم، فكيف نعذرهم وهم يكذبون بالقران؟ لا نستطيع. المنفتحون، والعصرانيون عندهم الكل سواء، عندهم عمى الألوان، الرافضي أخي والعلماني أخي، الرأي والرأي الآخر، أوقع اتفاقية معه، لا يوجد مانع على الطريقة الديمقراطية،ونجده يهش في وجه العلماني، وفي وجه الرافضي، وينقبض في وجه أخيه الذي اختلف معه في جزئية مع أنه من أهل السنة والجماعة لا يرتاح له. فإذا ذكره لايذكره إلا بسوء، يغتابه، ويسبه، هذا متزمت،هذا متطرف، هذا يريد أن يعيدنا للقرون الوسطى، وينفتح للعلماني وللرافضي والمنحرف،هذا سلوك لا يليق. فهذه القاعدة تصح في إطار أهل السنة والجماعة نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، ولكن مع التناصح كما قال الشيخ الألباني رحمه الله .

س: في الماضي ترشحت تحت مظلة الديمقراطية وفزت واليوم تحرم هذا، ما هو البديل؟

ج: أنا لم أترشح تحت مظلة الديموقراطية، ولم أذكرها بخير قط طوال الفترة الماضية حتى عندما رُشِّحت، وعندما دخلت مجلس النواب لم أذكرها بخير قط، وكنت أتصور أننا لو وصلنا إلى مكان في مجلس النواب يمكن أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وأن نغير بعض الشيء، ولكن وجدت أن هذا سراب، لم نستطع أن نفعل شيئاً ذا بال، وحتى الذي فعلناه كان كذلك سراباً، الدستور تعدَّل فعلاً، لكن ما الذي طبق من هذا الدستور؟ ائتوني بمادة واحدة طبقت، لم يطبق شيء، فإذاً وجوده وعدمه على السواء. ثم الآن لم تمر سبع سنوات إلا وقد عُدِّل، حتى الكلام الذي كنا نقوله أيضاً تضايقوا منه، لماذا لم نصعد مرة ثانية؟ وكثيرون أيضاً لم يصعدوا، لأنهم كانت لهم فعالية في الكلام، رغم أنه لا ثمرة ولا فعالية لهذا الكلام في الواقع، ولكنهم استكثروا علينا حتى الكلام، فتم بذل كل الجهود والأساليب لمنع الصعود مرة أخرى،هذا والكلام لا فاعلية له في الواقع، فكيف لو كانت له فاعلية ؟ إذاً على الناس ألا يتعبوا هذا التعب الكبير في سبيل وهْم وفي سبيل سراب عليهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر بالطريقة الشرعية، لو بذلو ا رُبع أو عشر أو ما يبذلون في الانتخابات في النهي عن المنكرات فتجمَّعوا في كل مديرية، وفي كل محافظة وأقنعوا العامة والوجاهات، وتحركوا بصورة سلمية للمسئولين وشغلوهم في رأس كل مدة عن المنكرات، بالمقابلات، بالرسائل، بالاتصالات ورتبوا لذلك ترتيبات، فإنه لابد من التأثير بإيقاف المنكرات، أو على الأقل التقليل، منها أوعرقلة مسيرتها الو اسعة في كل اتجاه، المتزايدة يوماً بعد يوم، وصرف الجهود في هذا الاتجاه أقرب إلى مراد الشرع من وجهة نظري من صرفها في انتخابات لإيصال أشخاص إلى مجالس النواب لا يفعلو ن شيئاً ذا بال في إصلاح الأوضاع .

س: ما رأيكم في دراسة الفقه على المذاهب الأربعة؟

ج: لا بأس بهذا، هذه المذاهب الأربعة هي في إطار أهل السنة والجماعة، ولكن بشرط، إذا درستها أن تعمل بالراجح إذا تبين لك ولا تتعصب لمذهب، هؤلاء العلماء الذين تنتسب إليهم هذه المذاهب اجتهدوا اجتهاداً وما كانوا يتصورون أن المسلمين سيتعصبون لهم، فنستفيد منهم جميعاً كأئمة، نستفيد من هذا التراث ونأخذ بالراجح إذا تبين لنا، أو إذا وصلنا إلى مرحلة يتبين لنا فيها الراجح .

س: هناك قرار بأمر العسكر والجنود بحلق لحاهم، ومن يخالف سيحرم من راتبه والمئات منهم ليس لهم وظيفة إلا هذا؟

ج: يزعمون أن عندنا ديمقراطية، أنا سأحاكم هذا الكلام إلى الديمقراطية! في الأنظمة الديمقراطية يقولون: لا عقوبة إلا بقانون. ومنع المرتب عقوبة. فأين القانون الذي يأمر بحلق اللحى؟ أنا لا أعرف إلى الآن قانوناً كذلك، كنت في مجلس النواب أربع سنوات واطلعت على قوانين كثيرة، ومن قبل أنا قاضٍ ومطلع على القوانين، ما أعلم بقانون يأمر بحلق اللحية. هذا في المنطق الديمقراطي ليس في المنطق الإسلامي. أما المنطق الإسلامي فإعفاء اللحية واجب، وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام كثيرة في ذلك، ويجب أن نلتزم بهذه الأحاديث، والمخالف لها مخالف للرسول عليه الصلاة والسلام، مخالف للواجب، لكن لو تركنا هذا المنطق الإسلامي، وحاشا أن نتركه، وتكلمنا بالمنطق الديمقراطي ودعونا دعاة الديمقراطية، وقال هذا العسكري: أنا سأذهب إلى المحكمة وأطلب القائد، وقال للمحكمة هذا القائد عاقبني بإيقاف مرتبي، فأحضِروا هذا القائد للمحاكمة، فهل يستطيع القاضي أن يستدعي القائد؟ لا يستطيع أن يستدعيه مجرد استدعاء، لو استدعاه سيأتي يوم وقد صار القاضي في منطقة نائية أوفي قائمة الفائض. ثم الأصل في العسكر أن مظهرهم مظهر الخشونة والرجولة، والذي يتناسب مع الخشونة هو إبقاء اللحية، لكن مع من تتكلم؟ لأن اليهود والنصارى يحلقون لحاهم فلا بد من تقليدهم (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في المتفق عليه.

 س: هل الديمقراطية في البلدان الإسلامية غير الديمقراطية في البلدان غير الإسلامية؟

 ج: نعم هناك في الغرب ديمقراطية على ما يقولون: يعني أن الشعب يحكم نفسه بنفسه، يختار فعلاً ممثلين، لا يوجد تزوير عندهم، يختارون ممثلين، وهؤلاء الممثلون يحكمون، قد يكون رأي أغلب الشعب أن ينتشر اللواط، يأتي هؤلاء الممثلون ويقولون أصدرنا قانوناً بإباحة اللواط كما حصل في بريطانيا فعلاً، يمثلون إرادة الشعب دون نظر إلى القيم والأخلاق وأحكام الله، لكن في البلدان الإسلامية لا يوجد تمثيل حقيقي للشعب صالحاً كان أم طالحاً كما تلمسون، هي عبارة عن ملهاة للناس، عبارة عن شعارات لا أكثر ولا أقل والذين تريدهم السلطة هم الذين ينجحون ثم يصدرون القوانين حسب مراد السلطة.

س: هل التعامل بمبدأ الديمقراطية وخاصة في الانتخابات إخلال بمبدأ الشورى أم أنها نوع من أنواع الشورى؟

ج: لا، ليست شورى. الشورى حكم من أحكام الله هل نُسوِّي بين الحكم الإلهي والحكم الوضعي البشري؟ لا، الفرق هائل. الشورى تُعطَى لأربابها، لا تعطى لمن هب ودب، الشورى تعطى لأهل الحل والعقد، للعلماء، للخبراء، للمختصين، لا تعطى للجهلة ويشترط لها مع العلم العدالة. الخ فمثلاً الشيخ/ محمد بن إسماعيل العمراني حفظه الله كان عضواً في مجلس النواب في فترة سبقتنا وكان المجلس يسمى مجلس الشورى وكان لا يتكلم كلمة. فقالوا له: لماذا لا تتكلم؟ قال: لأن ابن حجر والنووي وأمثالهما يتكلمون فأنا لا حاجة إليَّ في وجودهم! فهو يسخر من الموجودين، لأنه اكتشف أن صوته مثل صوت الجاهل من الجهلة داخل المجلس، هذا العالم الذي يعلم الكتاب والسنة وأقوال الفقهاء ما يتكلم بكلمة إلا بعدما يعيد النظر ويدقق. لأن كلمته فتوى، لكن في الديمقراطية صوته مثل صوت الجاهل، فكيف نقول إن الديمقراطية والشورى سواء. الشورى أمر آخر، أهل الشورى يجب أن يكونوا مثلاً من جنس العمراني كلهم بحيث يمكن أن يصوتوا، لو كان معنا مائة شخص من جنس العمراني وهم مجلس شورى فلا مانع من أن نأخذ بالأغلبية، أو يختار ولي الأمر ما هو المناسب، لأن الجميع علماء فلا مانع من أن نأخذ برأي الأغلبية، لكن عندما يكون العمراني وبجانبه مائة جاهل ......!، فهناك فرق بين الشورى والديمقراطية كما بين السماء والأرض، وهذا على مستوى المجالس،وعلى مستوى الشارع في الانتخابات يستوي صوت العالم والجاهل والمتدين وغير المتدين وأحياناً المسلم والكافر.

س: نريد منكم أن تنصحوا من يتعلق ببعض الدعاة ويرى أن الداعية الذي ينتسب إليه هو المصيب وغيره هو المخطئ، ويدّلل عند الآخرين بأن الداعية فلان قال كذا ويتعصب لذلك؟

ج: التعصب للعلماء لا ينبغي،إذا كان لا ينبغي التعصب للعلماء الكبار كالشافعي، ومالك، والأئمة الكبار، هؤلاء لا ينبغي التعصب لهم، فما بالكم بعلماء عصرنا؟ لا ينبغي التعصب، وإنما كلٌ يؤخذ من قوله ويترك، ولا ينبغي أن نضرب العلماء بعضهم ببعض، لكن إذا كانت هنالك مخالفة من أحدهم نبيّنها بآداب الشرع دون أن نسميه، دون أن نجرحه، إلا إذا كان صاحب بدعة يدعو إليها ويناضل من أجلها، فهذا من باب التنبيه للناس، لا بأس إذا اضطررنا لنبين اسمه.

س: ما رأيكم فيمن قتلوا أثناء عملية الاقتراع؟

ج: إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا من الفتن ومن البلاء، في سبيل ماذا؟ تجد في هذا الحزب شخصاً مصلياً قالوا: لابد أن تترشح، وفي هذا الحزب أيضاً شخص مصلّ، يتنافس الاثنان هذا معه أناس يتعصبون له، ويستخدمون جميع الوسائل بما فيها التزوير، وفي النهاية قد يقتتل الطرفان، وهذا ليس من الإسلام، والترشيح من حيث هو مخالف للشرع لا يصح أن يرشح الإنسان نفسه، وهذا من ضمن مصائب الديمقراطية، لأنه لا يمكن تسجيل مرشح إلا أن يأتي ببطاقته التي فيها الاسم والصورة ويقول: أنا أريد أن أرشح نفسي ويكتب طلباً بذلك، وهذا في ديننا ممنوع والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنا والله لا نولي هذا الأمر أحداً سأله أو حرص عليه) كما في الحديث الصحيح، ويقولون: يوسف عليه السلام رشح نفسه، ونقول شرْع من قبلنا إذا كان يتعارض مع شرعنا فلا نأخذ به، ففي شرعنا وُجد هذا الحديث (إنا والله لا نولي هذا الأمر أحداً سأله) فشرعنا في هذه المسألة يخالف شرْع يوسف، هذا لو سلمنا أن يوسف طلب الولاية، لكن عندما ندقق في الآية، فإن يوسف عليه السلام لم يطلب الولاية في الحقيقة، الملِك هوالذي استدعاه، وأرسل إليه إلى السجن وتمنّع يوسف، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي) يعني: داعي الملِك، لكن يوسف أراد ردّ اعتباره قال: ((ارجع إلى ربك فسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن)) فالطلب كان من الملك، فلما وصل يوسف قال له الملك:((إنك اليوم لدينا مكين أمين)) الملك هو الذي أعطاه الصلاحية، قال له أنت ممكَّن، أنت الآن ذو ولاية، ثم إن يوسف حدّد جانباً من العمل بدلاً من أن يكون تمكينه ليس محدداً:((قال اجعلني على خزائن الأرض)) يعني: ما دمت قد وليتني فأنا أريد هذا المجال لأنني قادر عليه، فلا نسلمِّ بأن يوسف طلب الولاية وإنما الملك هو الذي ولاّه.

س: هل كل ما جاءنا من الغرب أوالشرق شر كله، أم أننا نستطيع أن نأخذ المفيد؟

ج: هناك أشياء هي خير،فالسيارة جاءتنا من الخارج،والثياب جاءتنا من الخارج، وكثير من الأشياء، الشيء النافع الذي لا يتعارض مع ديننا ليس هناك مانع أن نأخذه،والدول التي عندها إنتاج داخلي لا تستورد، فمثلاً دولة تصنع الملابس لا تستورد الملابس، دولة تصنع السيارات لا تستورد السيارات، الدولة التي تكون جادة وحريصة على اقتصادها لا تستورد إلا ما لا تصنعه، كذلك نحن في الإسلام لا نستورد إلا ما يتناسب مع ديننا، أما شيء قد فصّل فيه ديننا فلماذا نستورده؟ ديننا تكلم على الاقتصاد بإسهاب فلماذا نستورد في الاقتصاد؟ ديننا فيه ما يكفي في باب الشورى والحكم، ديننا قد فصّل تفصيلاً واسعاً، فلماذا نستورد في باب الشورى والحكم؟ ولكن مثل أنظمة المرور ليست موجودة عندنا لا بأس أن نستوردها، ديننا لا يمنعنا من هذا، وفي الحديث وإن كان ضعيفاً، لكن معناه صحيح ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهوأحق الناس بها )، فلا مانع من استيراد الشيء الذي يسمح لك دينك باستيراده والذي يدخل ضمن ما تسمح به قواعد الشرع، والله يقول: ((ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء)).

س:التنازلات التي ذكرتها في الديموقراطية ليست في أمر العقيدة، بل هي في أمور لا تمس الثوابت؟

ج: أولاً كلمة الثوابت هذه شيء جديد، من أين جاءت؟ كل حزب يفسرها بحسب هواه، وهذه التنازلات كيف لا تمس العقيدة؟ أنا عندما أقول المسلم والكافر سواء، والعلماني الذي معه حزب علماني في بلدي يحق له أن يصعد إلى السلطة كما يحق للمسلم سواء بسواء، هل هذا يمس العقيدة أم لا يمس؟ القرآن يقول: ((أفنجعل المسلمين كالمجرمين)) ومن عقيدتنا أننا نقدس القران، ونعمل بما فيه فأنا عندما أسوّي بين المسلم والمجرم كأني ألغي هذا النص القرآني، كذلك التداول السلمي للسلطة، يتداول الحزب الإسلامي والحزب العلماني،والله يقول: ((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً)) لا يمكن السماح في الإسلام للكافر أن يحكم المسلمين، هذا غير مشروع، وعندما أسوي بين الجاهل والعالم في مجلس النواب هذا يفتي وهذا يفتي، والذي معه أغلبية فتواه تمشي حتى لو كان الجاهل، هل هذا مقبول في الشرع؟

والله يقول: ((فاسألو ا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) ومجلس النواب يصدر قانوناً ملزماً لا يصدر فتوى،ومن ثم يُلزَم الشعب بالعمل به رغماً عنه، والقاضي يحكم به بالقوة على الجميع، فالمجلس يصدر قانوناً وليس فتوى، القانون أعظم من الفتوى، حكم وتشريع، فهذه المسألة تمس العقيدة ولها علاقة بأسس الدين؛ لأن الحكم لله والذين يجتهدون لبيان حكم الله هم العلماء وحدهم، ولا يسمح أبداً للجهلة بالدخول معهم والتصويت.

س:أنا طالب علم ولكنني في المركز يطالبني الأستاذ أن أربط العمامة حتى أني لا أطيقها إلا في الصلاة، فما الحكم إن لم أربط العمامة في غير وقت الصلاة وما تنصح به الأستاذ وتنصحني؟

ج: العمامة ليست واجبة؛ لأنها سنة، فالأحاديث القولية التي فيها يبدو أنها ضعيفة، لكن هي سنة فعليه ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة كان يلبس العمامة، والسنة كما نعلم، هي قول أو فعل أو تقرير، وأنت إذا لبست العمامة اقتداءً بالرسول عليه الصلاة والسلام مأجور، وينبغي ألا تتضايق منها، قبل خمسين سنة كان اليمنيون جميعاً يغطون رؤوسهم بالعمامة ونحوها إلا في الحج، ما الذي جعلهم يكشفون رؤوسهم الآن في الجامعات والمساجد؟ وكثير من قادة وأفراد الحركات الإسلامية يكشفون رؤوسهم ما هوالمبرر؟ وما هي المصلحة؟ أريد أن أعرف فائدة لكشف الرأس. لكن الظاهر أن هذا تقليد لأنهم في الغرب فعلوا هكذا ( حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه )،نحن نحب الرسول عليه الصلاة والسلام فمن الحب أن نتشبه به، ومن التشبه به أن نضع العمامة على الرأس، والعمامة هي أي لفَّة، ليس شرطاً أن تكون بشكل معين، فأي لفة على الرأس هي عمامة، وأنا لا أقول إنها واجبة هي سنة فقط، ولكني أردت أن أبين أننا صرنا تبعاً للخارج في كل شيء حتى في هذه الأمور البسيطة، فهي سنة إن فعلتها فأنت مأجور، وإن لم تفعلها لست آثماً.

س: ما حكم تعدد الجماعات الإسلامية وهل يعد خروجاً عن الصراط؟

ج: هذه الجماعات إذا كانت تلتزم بمنهج أهل السنة والجماعة فيجب عليها أن تندمج، يجب عليها ذلك؛ لأن الله يقول: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)) والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الو احد)هذا التمثيل من الرسول عليه الصلاة والسلام يدل على ما يجب أن يكون عليه المسلمون، وعلى واقع المسلمين الذي يجب أن يكون، فعندما توجد جماعات كل جماعة في جهة، هذا لا يجوز، هذا يتنافى مع نصوص الكتاب والسنة، يجب على هذه الجماعات أن تصير جسداً واحداً تماماً مثلما تصلي هذه الجماعات في المسجد خلف إمام واحدٍ، ولا نقول الذين من جماعة كذا يكون لهم إمام، والذين من جماعة كذا يكون لهم إمام، فكذلك نكون في الساحة، في الماضي كان الأحناف معهم إمام، والشافعية لهم إمام، وكل أتباع مذهب يصلون وراء إمامهم، وهذه مخالفة للإسلام، انتهى هذا والحمد لله، وكان هذا في الحرم، والآن كما نصلي خلف إمام واحد، يجب أن نكون في العمل الإسلامي والدعوة إلى الله كذلك، خلف قيادة واحدة، هذا هو الذي يجب أن يكون، وإذا صعب علينا أن نكون كذلك على مستوى العالم الإسلامي بسبب ما وجد من الحدود المصطنعة فعلى الأقل في مستوى البلد الو احد، لا يجوز أن نتشتت، ويجب أن نسعى للدمج، يجب أن نسعى بصدق وليس سياسة، بعض الناس يقول يجب أن نكون اخوة وفي نفس الو قت يغتاب أخاه الذي من الجماعة الثانية، ويتجسس عليه، فلان كسب فلاناً،انتبهوا له! هذا لا يتفق مع الإسلام،كيف تحذر من أخيك المسلم وتتجسس عليه وتغتابه؟ وهو أخوك وهو من أهل السنة والجماعة، يجب أن يتفرغ المسلمون للأعداء الذين يشتغلو ن ليلاً ونهاراً في المنكرات والفساد، يجب أن توجد مساعٍ لجمع الكلمة بصدق، ولا تكون سياسية، أنا أتسيّس عليك، وأنت تتسيّس علىّ، لا يمكن أن ننجح نهائياً ولا يمكن أن ننتصر أبداً يقول الله سبحانه وتعالى: ((ولا تنازعوا فتفشلو ا وتذهب ريحكم)) ريحكم أي قوتكم، تنتهي القوة وتذهب، الجماعات الإسلامية يجب أن تندمج ما دامت في إطار أهل السنة والجماعة، وإذا وجدت خلافات في بعض الاجتهادات، لا مانع من ذلك حتى الصحابة كانوا يختلفون، هذا له رأي وهذا له رأي في إطار النصوص والاختلاف المشروع، هو اجتهاد ولا ينبغي أن نسميه اختلافاً، نسميه اجتهاداً، لأن الله يقول: ((ولا يزالو ن مختلفين إلا من رحم ربك)) هذه الاجتهادات لا مانع منها مع بقاء المحبة والمودة والأخوة.

س: نحن شباب ملتزمون والحمد لله ولكن فشت فينا ظاهرة الإسبال وحب الأناشيد التي فيها الموسيقى والدف وقص اللحية. أرجو منكم تقديم نصيحة في هذا الصدد ؟

ج: الإسبال لا يجوز والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( ما أسفل من الكعبين في النار ) وهذا يدل على أنه كبيرة من الكبائر والمسلم يلبس إلى نصف الساق إلى الكعبين، أما أسفل من الكعبين فلا، بعضهم يقول أنا لا أفعل هذا من باب الخيلاء نقول له هو مظهر من مظاهر الخيلاء، حتى لو لم تقصد، هو فعل خاطئ لا تصححه النية الحسنة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سمى الإسبال مخيلة فقال: ( وإياك من الإسبال فإنه من المخيلة ) هذا الفعل نفسه من المخيلة حتى لو لم تقصد أنت.

وأما الأناشيد فلا مانع منها لكن بدون موسيقى، وأنا مستغرب كيف زين الشيطان الموسيقى لشباب المسلمين، كنا قبل عشر سنين عندنا أناشيد بدون موسيقى، وما كنا ناقصين، الآن هل ازددنا قوة وزاد الإسلام قوة بالموسيقى؟! فقط ازدادت الميوعة؛ لأن كثيراً من أناشيد الموسيقى تشبه الأغاني والعياذ بالله، حتى قال بعضهم بأنه سمع محلاً من محلات التسجيل وهو يطلق الصوت بأنشودة على الموسيقى فقال: هذا ديسكو إسلامي؛ لأنه موسيقى صاخبة، الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر المعازف في الحديث الذي رواه البخاري وحرمها يكفي هذا، وهذا الحديث صححه علماء كبار، صححه ابن حجر وابن تيمية وابن القيم والسخاوي والسيوطي وابن الصلاح والنووي وابن الأمير وعلماء كبار، على الأقل هذه الموسيقى شبهة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه،ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام )في هذه المرة يجرك الشيطان إلى الشبهة، وفي المرة الثانية سيجرك إلى الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والدف جائز للنساء لكن للرجال لا يجوز.

وقص اللحية: أصبح كثير من الناس يتفنن فيه هذا يفعلها خط، وهذا يفعلها صغيرة هنا، هذا القص لا يجوز؛ لأنه يتنافى مع الإعفاء، والإعفاء معناه أن تتركها كما خلقها الله، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (اعفوا اللحى)، (وفِّروا اللحى)، (اتركوا اللحى)، (أرخوا اللحى) أحاديث آمرة كلها، والصحيح في المذاهب الأربعة كلها أنه لا يجوز حلق اللحية، وبعض العلماء يجيز القص إذا زادت اللحية على القبضة فيكون قص الزيادة؛ لأن ابن عمر كان يفعل هذا، أما الرسول صلى الله عليه وسلم لم يثبت أنه قص لحيته، وقد كانت تُرى من خلفه وهو يقرأ، يعرفون قراءته باضطراب لحيته، وكان كث اللحية عليه الصلاة والسلام، فهذه القصقصة تحايل على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وضعف في التمسك، والأصل أن تبقى، وإذا كان لابد ويريد الشخص أن يقص، فيمكن أن يقتدي بابن عمر وبعض الصحابة الذين كانوا يقصُّون ما زاد عن القبضة وهذا معناه أنها ستبقى كبيرة، لو التزم الشخص بقص ما زاد عن القبضة.

س: ما هو واجب الشباب المسلمين خاصة في ظل تعدد الجماعات الإسلامية؟

ج: قلنا أن يسعوا في جمع هذه الجماعات بصدق ما دامت على منهج أهل السنة والجماعة.

س: ما حكم دخول الحمام مع فنيلة مكتوب فيها آية من القرآن وهو لابس لها؟

ج: لا ينبغي أن يكتب القران على الثياب، القران أنزل ليعمل به وليتدبر فلا ينبغي أن يكون على الثياب إضافة إلى أنه بذلك يتعرض للامتهان وهذا لا يجوز.

س: ما حكم من نذر في المنام، هل يفي بنذره؟

ج: القلم مرفوع عن النائم حتى يستيقظ.

س:إني كسرت شريط غناء وأمي غضبت وقامت بالدعاء عليَّ حتى أنها تكلمت بكلام كفري؟

ج: عليك أن تكلم أمك بكلام هادئ؛ لأن من بر الو الدين الكلام معهما بكلام هادئ ((واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)) وتنبهها أن هذه الأغاني لا تجوز بأسلو ب هادئ، وإذا لم تقبل فيمكنك أن تكسر هذا الشريط وهي لا تدري حتى لا تزعجها، وما دامت تكلمت بكلام كفري فعليك أن تنصحها وتذكرها بالله، وإذا أنت نهيتها عن المنكر بالحكمة، فحتى لو دعت عليك فالدعاء لا يستجاب ما دمت أنت لم تقع في معصية.

 س: هل الأنبياء معصومون. وهل هناك دليل على ذلك من الكتاب والسنة؟

ج: نعم الأنبياء معصومون بالوحي،فعلى سبيل المثال صحح الوحي لنوح عليه السلام الموقف من ابنه عندما سأل الله نجاته من الغرق، ووجه الوحي آدم ويونس إلى التوبة من الذنب وضمن الله سبحانه الهداية للأنبياء بصورة لم يضمن مثلها لغيرهم لأنهم قدوة للأمم قال تعالى: ((أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)) ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله له: ((ووجدك ضالاً فهدى)) هداه الله بالنبوة، وغيره هدايته ليست مضمونة، ضمن الله له الهداية فهومعصوم، ليس ببشريته وإنما بالوحي، كانت تقع من نبينا صلى الله عليه وسلم بعض المخالفات مثل تحريم العسل فيتنزل الو حي عليه: ((يا أيها النبي لم تحرم ما احل الله لك)) فيصحح له موقفه، عبس في وجه الأعمى فنزل الوحي يصحح له موقفه، كذلك قبل الفداء في أسرى بدر فنزل الوحي ينبهه إلى أنه كان الصحيح أن لا يقبل الفداء، وهكذا ……

هوقدوة للأمة فلا بد أن يكون معصوماً من الخطأ حتى لا تقتدي الأمة بخطأ يصدر منه، أراد بعض المنافقين أن يخدعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في قصة طعمة بن أبيرق فعصمه الله إذ كاد أن يجادل عن هذا الرجل وينسب السرقة إلى يهودي فالله أنزل عليه: ((ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم)) وقال له في نهاية الآيات: ((ولو لا فضل الله عليك ورحمته)) يعني بالعصمة ((لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيئاً وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً)) فمن فضل الله عليك أنه يعصمك بالوحي.

س: وهل يعني ذلك أنهم كالملائكة ؟

 ج: لا..ليسوا كالملائكة ..الملائكة كذلك معصومون ولكنهم لا يأكلون،ولا يشربون، ولا ينامون وهؤلاء بشر يأكلون ويشربون وينامون ويتزوجون، ومعصومون بالوحي.

س: إن بعض المسلمين يخالطون النصارى في أعيادهم ويشاركونهم في أفراحهم ويأكلون ذبائحهم فما القول في ذلك؟

ج: اليهود والنصارى لا يجوز مشاركتهم في ما هو من شعائر دينهم ولا يجوز التشبه بهم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( من تشبه بقوم فهو منهم )أما أكل ذبائحهم، فيجوز لأن الله أباح لنا ذبائحهم فقال: ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم)) إلا إذا ثبت أنهم لا يذبحونها بالطريقة المعروفة، أو اشتبه المسلم في ذلك فاتقاء الشبهة مطلوب.

س: ما رأيكم في من يصف النصارى بأنهم إخوة، ليس في البشرية بل أخوَّة توجب المحبة؟

ج: أعوذ بالله، لا يجوز هذا، هذا خلل في العقيدة، يقول الله سبحانه: ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم)) هذا هو حكم الله، والمحبة من المولاة.

س: نرجو منكم نصيحة الشباب الذين اليوم كذا وغداً غير ذلك؟

ج: معنى ذلك أنهم متقلبون: يوم يلتزمون ويوم غير ملتزمين، هذا التقلب لا يجوز، المفروض أن المسلم يثبت على الطريق المستقيم، وما يدريه عندما يتقلب ربما يفاجئه الموت وهو في حالة تقلبه، فتكون خاتمته خاتمة السوء -والعياذ بالله- عليه أن يثبت، وإذا حصل منه أن وقع في معصية فعليه أن يبادر بالتوبة، وباب التوبة مفتوح، والله يقول: ((ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) كيف يتحقق هذا؟ بالثبات على الدين؛ لأنك لا تدري متى يفاجئك الموت، فمعنى ذلك أنك لابد أن تظل على وتيرة واحدة في الالتزام، وإذا وقعت في معصية فبادر بالتوبة، حتى إذا نزل الموت، نزل وأنت على استعداد له.

س: ما رأي الشرع فيمن يقول إن الديموقراطية الموجودة في اليمن غير الموجودة في أميركا وغيرها من كفر بواح ومعاص مكشوفة؟

ج: هذه ديموقراطية اليمن التي يقول إنها مختلفة وإنها إسلامية، فإنه قد وجد في ظلها من يسجد لبرهان الدين كما سمعنا، فمن منعه؟ وجد في ظلها أناس تنصروا في جبلة وغيرها كما سمعنا، وجد في ظلها الجندر، وجد في ظلها صحف تتكلم على الإسلام بالمفتوح أنا أتحدى هؤلاء الذين يقولون إن ديموقراطيتنا فيها ثوابت إسلامية، أتحداهم أن يوقفوا هذه المنكرات فقط، وأن يمنعوا عند التقنين والتشريع في مجلس النواب من مساواة صوت العالم بصوت الجاهل، وأن يمنعوا أن يكون الحكم للأغلبية والقاعة، ويجعلوه للنص الشرعي في كل حين.

س: البيان الختامي للقمة العربية تم توزيعه قبل انعقاد القمة بأيام؟

ج: هو كلام للاستهلاك.

س: ما رأيكم في الذين يطعنون في الشيخ / يوسف القرضاوي؟

ج: السب لا يجوز، هو عالم عنده علم ولكن أيضاً عنده تساهل في بعض الفتاوى ينبغي أن ينتبه لهذا، من فتاواه جواز المصافحة لأي امرأة وهذا لا يجوز فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لأن يطعن أحدكم بمخيط في رأسه خير من أن يمس امرأة لا تحل له )، والمس هو حقيقة في مس اليد ولا يصلح أن نحمله على المجاز بدون قرينة، من فتاواه أنه يجيز الأغاني بل هو صرح كما قرأت في بعض الكتب أنه يسمع بعض الأغاني مثل (ست الحبايب) وغيرها فلا يقتدي به في هذا ولا يؤخذ منه، من فتاواه التي لا يؤخذ بها أنه أجاز التمثيل للنساء ولو مع الرجال، ومن فتاواه أن المرأة عنده يمكن أن تتولى أي ولاية، أظن ما عدا الولاية العظمى، ورأيه في هذا مرجوح والأدلة واضحة فالله يقول: (وللرجال عليهن درجة) ويقول: ((الرجال قوامون على النساء)) بشكل عام وهكذا. هذه أمثلة من بعض التساهلات، وله تساهلات كثيرة.

س: يجيز القرضاوي التعاون مع النصارى ضد اليهود كما في مؤسسة القدس، كما يقول إن النصارى إخواننا، فما رأيكم؟

ج: النصارى هم عدو أيضاً، كيف نجتمع معهم؟ لو كان المسلمون دولة وسلطة متماسكة لأمكن أن يعقدوا حلفاً مع النصارى مثلاً لمصلحة من المصالح، عندما كان للرسول دولة وكيان في المدينة عمل معاهدة مع اليهود ثم مع خزاعة؛ لأن الدولة كيان قوي وبشروط كما ذكرنا من قبل، ولكن المسلمين اليوم لا يوجد لهم كيان ودولة، وللنصارى دول فمن الذي يستفيد من هذا التحالف؟ القوي يستفيد من هذا التحالف وهم النصارى، في آخر الزمان قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ستصالحون الروم صلحاً آمناً وتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم) فبين أننا فعلاً سنكون دولة ويعترف بنا النصارى ونصطلح نحن وهم صلحاً آمناً ونغزو عدواً آخر، وابن حجر رحمه الله في الفتح قال بأنه ورد في كتاب الفتن لنعيم بن حماد أن هذا يكون في عهد المهدي، والمهدي يقيم دولة ويعيد الخلافة الراشدة ولمصلحة من المصالح يصطلح مع النصارى، ويغزون عدواً واحداً، فلا مانع والمسلمون دولة بأن يعقدوا تحالفاً مع غير المسلمين لأنهم يستفيدون منه، أما المسلمون بهذا الو ضع فلا، المستفيد هوالقوي في مثل هذا وهم النصارى الآن.

وأما الأخّوة للنصارى فلا ،بعضهم يحتج بقوله تعالى: ((وإلى عاد أخاهم هوداً)) ((وإلى ثمود أخاهم صالحاً)) مثل هذا النص أراد أن يبين أن النبي أخ لهم من قبيلتهم وأنهم يعرفونه، وأنه ليس إنساناً غريباً، مثل ما قال في محمد عليه الصلاة والسلام: ((أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون)) جاءهم رسول من بينهم يعرفونه ويعرفون صدقه، المقصود هنا بالأخوَّة أنه من نفس القبيلة، أُخوّة في الإنسانية وفي الانتساب إلى القبيلة، ولكن إذا وردت الأخوة في مقام المحبة والمودة فهذا لا يجوز،لأنه ولاء والولاء لا يجوز للكافر ((ومن يتولهم منكم فإنه منهم)).

س: هل صحيح أنكم أفتيتم سابقاً أن المرأة إذا لم يأذن لها زوجها في الخروج إلى الانتخابات تخرج بغير إذن زوجها؟ وهل صحيح أنكم كنتم من مناصري الديموقراطية؟

 ج: أنا كنت في الماضي مخدوعاً بهذه الانتخابات! سبحان الله! وأنا بشر وكنت أظن أنها فعلاً وسيلة للنهي عن المنكر، وكنا نقول للمرأة أيضاً أن تخرج للانتخابات!!، ولكن لا أذكر أنني قلت لها بأنها تخرج بدون إذن زوجها، كنا نقول بأن المرأة تنصر الصالحين.!!! وأنا لا أرى الآن أن أحداً يدخل في هذه اللعبة، هي عبارة عن لعبة لإلهاء الناس؟! البلدان تنهار وتتجه نحو الفساد بقوة، والناس يلعبون اللعبة الديموقراطية، الانتخابات واللعبة الديموقراطية هل أوقفا الجرع الاقتصادية؟ خمس جرع عندنا، هل أوقفت الفقر؟ هل أصلحت مدارسنا؟ كيف مدارسنا الآن؟ الفصل الواحد فيه (120) طالباً أو(150) طالباً، مثل مزرعة الدواجن، اللعبة هذه هل أصلحت التعليم؟ هل أصلحت المستشفيات؟ كم من الناس يموتون في الطوارئ، في الإسعاف، لا أصلحت مستشفيات ولا مدارس ولا طرقاً ولا حفظت لنا أمول البترول، ولا زرعت لنا الأراضي ………الخ ) الآن نستورد المواد الاستراتيجية الغذائية، هل زرعت لنا اللعبة الديموقراطية والانتخابات القمح؟ حتى نكتفي اكتفاءً ذاتياً؟ هل رفعت المرتبات؟ الآن مرتب المتخرج تقريباً (18) ألفاً للمدرس وأما المتخرج الذي في المدينة فيأخذ (12) ألفاً، لكن (18) ألفاً و(20) ألفاً هل تنفع؟ إذا كنت مستأجراً البيت وعندك أولاد وحصل أن واحداً منهم مرض، وجاءك ضيوف، وجاءتك الأعياد، ماذا تعمل لك العشرون ألفاً هذه؟ ماذا استفدنا إذاً من هذه الانتخابات؟ ماذا أصلحت من أوضاع؟ هي لعبة تلهي الناس، لكن هل أصلحت وضعاً من الأوضاع؟ وضعاً اقتصادياً أوسياسياً أوقانونياً، كم تبقى القضية عندنا داخل المحكمة؟ في بعض الأحيان عشر سنوات وفي بعض الأحيان عشرين سنة. هل يصلح أن نلعب هذه اللعبة التي لا تصلح شيئاً من أوضاعنا؟ أنا في الماضي كنت أظنها فعلاً ستصلح، وأنا غلطان وأنا أتوب إلى الله من هذا.

س: ما رأيكم في الدخول في الديموقراطية بغية التقنين والوصول إلى الحكم حتى يتم التغيير؟

ج: عندنا في الإسلام الغاية لا تبرر الوسيلة،وهذا التغيير رغم ذلك غير حاصل، والرسول عليه الصلاة والسلام ذكر الحكم الجبري، في بلاد المسلمين من معه جيش ومعه أمن ومال وإعلام يحكم، لا يتم الحكم بالصناديق، لا يتم بالصناديق إلا في مثل أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وغيرها من ديار الغرب ولا تراق قطرة دم واحدة، في إسرائيل نزل باراك وصعد شارون، هل أريقت قطرة دم واحدة؟ وأجريت الانتخابات في ظل باراك الذي أعلن النتيجة بهزيمته وصعود شارون، في أمريكا أجريت الانتخابات في عهد كلنتن، وكان نائبه آل جور مرشحاً وهونائب الرئيس، أجرى الانتخابات في ظل إدارته وحاول أن تكون النتيجة له، ولكن في الأخير سلم بالنتيجة وقال الناجح هو جورج بوش، رغم أن جورج بوش خارج السلطة.

في البلدان الغربية يمكنهم التغيير أما في بلاد المسلمين كأن الله ما أراد لهم أن يصلحوا إلا بالإسلام، لا يوجد لهم غير الإسلام والالتزام به بحذافيره من أوله إلى آخره وأنا أريد من الذي يقول إنه يتم التغيير في بلاد المسلمين أن يضرب لي مثلاً واحداً حدث فيه التغيير بالطريقة الديموقراطية، والتقنين إنما يكون بحسب هوى الأغلبية وهي لا تكون أبداً للدعاة والعلماء في مجالس النواب في بلاد المسلمين.

س: لماذا الأخوة السلفيون يحاربون جامعة الإيمان، وكذلك الشيخ عبد المجيد الزنداني وذلك عن طريق إصدار كتاب (البركان في نسف جامعة الإيمان ) وكتاب (تحذير المرأة العفيفة )؟

ج: قلنا لا يوجد معصوم إلا الأنبياء، وأما غيرهم فيؤخذ من كلامهم ويترك، إذا وجد كلام جيد فيه نقد لجامعة الإيمان في عيوب واضحة فالمفروض أن نأخذ به ونصحح الوضع، وإذا كان عبارة عن اتهامات بالهوى فترد على صاحبها ويقال له: اتق الله كل كلمة أنت مسؤول عنها غداً، سيسألك الله فلا بد أن تعد الجواب لكي تخرج منها غداً بين يدي الله عز وجل، في الدنيا لو لم تجد من يحاسبك فسيحاسبك الله على كل صغيرة وكبيرة ((فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)) والكلمة الواحدة يسأل عنها، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (رب كلمة يقولها الرجل لا يلقي لها بالاً،يهوي في بها النار سبعين خريفاً)، فهذا هوالمعيار في هذا الموضوع.

 س: ذكرتم أن الصراط المستقيم له تبعات ومشقات من هذه المشقات والمعوقات الهوى الذي بسببه تحصل الاختلافات بما فيها بعض الاختلافات الفقهية واختلاف الجماعات وهؤلاء الذين يدعون إلى الله، هل يدعون إلى الله أم إلى الجماعات،وما هي نصيحتكم؟

ج: في ظل هذه الاختلافات كلها ما هو المعيار؟ يقول الله سبحانه وتعالى: ((فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب)) والأصل: أن يتذكر الإنسان ويحرص أن يدعو إلى الله لا يدعو إلى جماعة لذاتها ولا يدعو إلى نفسه.

س: ما حكم الشرع في حضور قيادات إسلامية لمؤتمرات أحزاب ديموقراطية وعلمانية؟

ج: يقول الله تعالى: ((وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره)) وإذا قال قائل كلنا الآن واقعون في الديموقراطية فلابد أن نتكيف معها، والأحسن أن نكيفها مع الإسلام فأقول لسنا ملزمين بأن نكيف المفاسد مع الإسلام! كم من المفاسد موجودة؟ ليست الديموقراطية وحدها، الربا موجود فهل تكيف نفسك مع الربا؟ مفروض عليك في البنوك فهل تكيف نفسك معه؟ القوانين الوضعية موجودة فهل تكيف نفسك معها؟ المدن السياحية التي فيها الخمور والفساد موجودة والفنادق التي فيها الفساد فهل تكيف نفسك معها؟ الشيء الصحيح تكيف نفسك معه أو تحاول أن تربطه بالدين أما الشيء الأعوج –فلا- الشيء الأعوج لا بد أن تبين أنه أعوج.

س: من المعروف كما أشرتم أن الخروج من الصراط هو من إتباع الهوى فما هو حال من زادت فتاواه ممن ينتسبون إلى أهل العلم، في إباحة أمور هي مما يعلم تحريمها عند جمهور العلماء؟

ج: يحذّر من هذه الفتاوى وإذا كان صاحبها على هذه الصفة فهو شاذ مبتدع فيحذر منه.

س: كما يقال إن جامعة الإيمان لا يدرس فيها المعتقد فهل هذا صحيح؟ وهل لا يوجد فيها اهتمام كبير في جانب العقيدة؟

ج: يدرس فيها علم الإيمان من السنوات الأولى وتدرس فيها العقيدة الطحاوية في السنة الخامسة والسادسة والسابعة.

س:ما هو البديل للخط الديموقراطي؟

ج: لو كانت الديموقراطية ناجحة فيصلح أن نقول ما هو البديل؟ كمثل شخص يعمل في الخياطة وهو ناجح يستفيد منها المال فتقول له هذه تضر بعينيك فيقول ما هو البديل؟ فتقول له البديل اذهب فافتح لك دكاناً أوبقالة، فالذي يسأل عن البديل، نقول له ما هي الفائدة من الديموقراطية؟ أعطني الفائدة كي أعطيك البديل، أما وهي لا توجد منها فائدة بل هي ضرر فلا تسأل عن البديل، ومع هذا أنا أقول البديل أنك تستقيم (قل هذه سبيلي ) استقم على دين الله ولو تعبت، دين الله فيه مشقة وتعب: ((إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً)) ليس نوماً وكراسي وحوارات،والرأي والرأي الآخر وضحك، لا! هو شيء كبير،فالبديل هو أن تستقيم على دين الله ولو وجدت المشقة، وأن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر بالطريقة الشرعية كما تكلمنا من قبل.

س: ما رأيكم في كتاب نصيحة للإخوان لـ(صادق أمين)؟

ج: هذا الكتاب يؤخذ منه ويترك وكما قلنا كل إنسان يؤخذ منه ويترك، وهذا معيار عام ((فبشر عباد الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه)).

س: ما هو الحل في نظرك بالنسبة لما نحن فيه من عدم تحكيم الكتاب والسنة؟

ج: الحل هو الرجوع إلى الإسلام.

س: من هم أهل السنة والجماعة في هذا الوقت؟

ج: هم الذين يسيرون على نفس منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن الأمة ستفترق إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة، وكلها في النار إلا واحدة، وقال عن هذه الناجية: ( ما أنا عليه وأصحابي ) فميّزها، فالذي يلتزم بما كان عليه الرسول وأصحابه هوالذي على منهج أهل السنة والجماعة لا يأتي ببدع وأفكار جديدة في الدين بل يلتزم بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

س: ما معنى قول ابن عباس: استمعوا إلى علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض والذي نفسي بيده لهم أشد تنافراً من التيوس؟

ج: إذا كان هناك خلاف بين بعض العلماء فلا تسمع تقييم هذا العالم للعالم الآخر، لأنه قد يدخل الهوى في هذا الموضوع، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (لا تقبل شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمرٍ إلى أخيه والغمر: هو الحقد، فالحاقد على الشخص لا تقبل شهادته عليه، بعض العلماء يكونون في حالة خلاف، فمثلاً السيوطي والسخاوي كانا في حالة اختلاف، وكل واحد يؤلف على الثاني،لا يقبل قول هذا على هذا.

س: ما حكم تجنيد النساء؟

ج: لا يجوز.. النساء ليس عليهن تجنيد ولا قتال ..جهادهن الحج كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: وقد قالت أم سلمة للرسول عليه الصلاة والسلام: لماذا لا نكون كالرجال فأنزل الله ((ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)) الذي يقول لك نحن نحتاج في المطارات والموانئ والجوازات إلى النساء للتعامل مع بنات جنسهن، نقول له هذا يحتاج إلى توظيف بظوابط الشرع وليس إلى تجنيد وهذا موجود في بعض البلدان، لا يحتاج إلى تدريب تقضي فيه المرأة الأسابيع والأشهر أمام الضباط الرجال ولا إلى مدرسة شرطة ولا يحتاج لعمل حفل تخرج ولا يحتاج إلى أن تلبس هؤلاء النسوة البدلات العسكرية، هو فقط توظيف.

س: ما هي الطريقة الوحيدة الناجحة لإقامة الدولة الإسلامية؟

ج: هذا كلام طويل قال أحدهم: (أقيموا دولة الإسلام في أنفسكم تقم على أرضكم) لو بنينا أنفسنا بناءً سليماً، تلقائياً ستقوم دولة الإسلام؛ لأن الله لا يظلم الناس شيئاً، لا يمكن أن يسلط عليهم شرارهم وهم أخيار، لا يسلط علينا الأشرار إلا بذنوبنا فيحكموننا ((وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون)) نحن ظلمنا أنفسنا فسلط الله علينا الظلمة، فإذا نحن أقمنا الإسلام بتكاليفه وأركانه فالله تبارك وتعالى سوف يقيض لنا من يأخذ بأيدينا ويحكمنا بالإسلام.

س: قال القرضاوي: إن تجنيد المرأة ضرورة؟

ج: التجنيد ليس ضرورة، ولا حاجة له كما ذكرنا.

 

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،،،

 

 .................................................                                        

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©