بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.. أما بعد:     فإن الكلام كثير في هذا الموضوع وقد تكلمت عليه في دروس ومحاضرات ومقالات ، كما كتبت فيه قصيدة أرجو أن تكون مرفقة بهذا ، أيّدها عشرة من علماء ووجهاء اليمن ، بعضهم كان عضواً في مجلس النواب .

  ولا شك أن الكلام أو  التأييد ممن جرّب له أهميته  .   والكلام هاهنا سيكون مختصراً فأقول : إن الانتخابات الديمقراطية منهج منحرف ، وتتجلَّى أمهات الانحراف في هذا المنهج في ثلاثة أمور رئيسة هي:     1- أنه منهج مستورد .            2- أنه منهج مخالف للإسلام .       3- أنه منهج لا جدوى فيه في الواقع .

     أولاً: أنه منهج مستورد:

     لقد حكم الإسلام المسلمين وغيرهم ما يزيد على ثلاثة عشر قرنا ، ومرت مراحل النبوة والخلافة الراشدة والملك العضوض ، ولم يعرف المسلمون ولا علماؤهم الانتخابات الديمقراطية التي تمس اختلالاتها العقيدة والشريعة كما سنرى  إلا في الفترة الأخيرة عندما وفَدتْ عليهم مع المستوردات الأخرى من ديار الكفر ، كالقومية والاشتراكية وتبنّتها  الحكومات والأحزاب وحتى بعض الجماعات الإسلامية في بلاد المسلمين  .  

  وهذا التبنّي هو من ضمن الدخول في جحر  الضب الذي حذّر منه الرسول صلى الله عليه و سلم ، ومن التشبه المحظور بالكافرين فيما هو من خصوصياتهم ، كما سنبينه ، ويجتهد الغرب اليوم في نشر الديمقراطية وفرْضها في ديار المسلمين بالترغيب والترهيب وباسم العولمة  .  والديمقراطية منهج  استورده الغرب النصراني ذو الديانة المحرّفة من اليونان التي تبنّتْ هذا المنهج قبل دخولها في النصرانية ، فهو منهج  في الحقيقة ليست له أصول سماوية .    

  ومعلوم أن أمة الإسلام لا يمكن أن يصلح حالها في آخر الزمان إلا بما صلح به حالها في أول الزمان  كما تدل على ذلك النصوص ، ولا يمكن أن تصلح بمنهج مستورد ، وقد قال تعالى: ( والذين اتبعوهم  ــ أي اتبعوا الصحابة ــ بإحسان)  [التوبة:100] وقال صلى الله عليه و سلم كما في الحديث الصحيح: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ،  عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور...) .                

     ثانياً: أنه منهج مخالف للإسلام:

     ويتجلى ذلك على الأقل فيما يلي:

     أ- في تشريع القوانين و الدساتير:

    إن الانتخابات الديمقراطية تنتهي بمجالس نيابية ونحوها ، يكون فيها الحكم والتشريع والقرار للأغلبية ولو خالفت شرع الله ، وهذا ليس في ديار الكفر فحسب وإنما في ديار المسلمين  .

    فكم أصدرت هذه المجالس في بلاد المسلمين  من دساتير وقوانين تناقض أحكاماً شرعية معلومة من الدين بالضرورة كالدساتير والقوانين التي توجب استقلال كل بلد ، بما في ذلك عن بلدان المسلمين الأخرى .      وكذا انفرد أبناء البلد وحدهم بالجنسية والحقوق المترتبة عليها دون سائر المسلمين من أبناء البلدان الأخرى مع أن الله يقول: ( إنما المؤمنون إخوة)  [الحجرات:10] ، ويقول: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم  أولياء بعض)  [التوبة:71] ، وشبَّه الرسول صلى الله عليه و سلم المؤمنين بالجسد الواحد وبالبنيان...إلخ .      وكالقوانين التجارية التي تبيح الربا ، والله يقول مهدداً من لم يقلعوا عنه : ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)  [البقرة:279]   .     وكالقوانين التي تبيح المنكرات باسم الإعلام والسياحة ونحو ذلك، وهي منكرات قطعية معلوم إنكارها من الدين بالضرورة ويعرفها الجميع، وهذا كله تشريع بما لم يأذن به الله ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله)  [الشورى:21] .     والمسلم لا يقبل أيَّ حكم إلا لله ( إن الحكم إلا لله)   [يوسف:40] .  

    ومن التشريع بما يتناقض مع حكم الله أن الدساتير التي فيها أن الشريعة مصدر التشريع معرَّضة في ظل الديمقراطية للتعديل بالأغلبية ، وطريقة التعديل مذكورة في الدساتير ذاتها، وبعض الناس يظن ذلك مكسبا وليس كذلك ، لأن القابلية للتعديل  خلَلٌ هائل ليس في التشريع فقط وإنما في العقيدة أيضا  .  والقبول بمرجعية مثل هذه الدساتير القابلة للتعديل هو كالقبول بمرجعية تقرّ بعقيدة (إن الحكم إلا لله)  وتقرّ بقابلية هذه العقيدة للتعديل  .   ومثل ذلك يقال في القوانين الموافقة للشرع لأنها كقوانين قابلة للتعديل في أي وقت  !  والإسلام عقيدةً وشريعةً لا يقبل بأي حا ل أن تكون أحكامه تحت رحمة الأغلبية ، وقابلةً للتعديل .  وما كان من الأحكام الإسلامية اجتهاديا فالقابلية فيه للتعديل منوطة بالعلماء المجتهدين ، وليست كلأً مباحًا للغوغاء في قاعات  البرلمانات .   ومعلوم أن  لجان تقنين أحكام الشريعة إن وُجدتْ فإن مرجعيتها النهائية عند التصويت في الدول الملتزمة  بالديمقراطية هو تلك القاعات  .

   ب- في المساواة غير الشرعية :

    إن الانتخابات الديمقراطية فيها مساواة غير شرعية ، فعند الترشيحات مثلاً يتساوَى المسلم وغير المسلم كمرشحين ما دام كل منهما مواطنا ً، وكذا العالم والجاهل ، والرجل والمرأة والصالح والطالح ، وكذلك يتساوَى كل أصناف هؤلاء كناخبين عند انتخاب المرشحين ، ثم يتساوَى أيضاً كل أصناف هؤلاء من المرشحين الناجحين في المجلس النيابي عند التصويت في قاعة المجلس ، فصوت العالم المجتهد مثل صوت شبه الأمي ، بل مثل صوت العلماني ، والله يقول: ( أفنجعل  المسلمين كالمجرمين)  [القلم:35] ، ويقول: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون)  [الزمر:9].

   ج- في طرْح القضايا الاجتهادية على غير العلماء المجتهدين :

   لو كانت القضايا التي تطرح في المجالس النيابية ليست قضايا شرعيةقطعية ، وإنما كانت على سبيل الفرض قضايا شرعية اجتهادية ، فإن الشرع يقضي بأن تطرح على علماء مجتهدين كما أشرنا من قبل ، لأنهم وحدهم الذين يميزون بين ما يجوز فيه الاجتهاد وما لا يجوز ، وولاية التصويت لهم وحدهم ، وليس لأغلبية الحاضرين (ولو كانوا جهَلة) كما هو  الحال في المجالس المنتخبة ديمقراطياً ، لأن الله يقول: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) [النحل:43] ، ولم يقل:  فاسألوا أغلبية ممثلي الشعب ، وهذا الاختلال مع الأسف موجود حتى في مجالس الحركات الإسلامية فتؤخذ الاجتهادات المرتبطة بالشرع بأغلبية الحاضرين من العلماء وغيرهم  ،  وما أقلّ العلماء !  في حين إنه كان القُرَّاء (العلماء) هم وحدهم أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه كما في الحديث الصحيح دون سواهم .

   د- في المنافسة و طلَب السلطة :

  إن الانتخابات الديمقراطية النيابية أو المحلية أو الرئاسية أو النقابية أو غير ذلك تقوم على المنافسة وطلب السلطة ،  وهذا ليس من هدْي الإسلام بحال ، فإن الدعاة إلى الإسلام يدعون الناس جميعاً بمن فيهم أصحاب الكراسي إلى الإسلام إنْ كانو كفارا ، ويدعونهم إلى إقامة المعروف وإزالة المنكر إن ْ كانوا مسلمين عصاةً أو مقصرين ، ولا يقولون لهم  ننافسكم على الكراسي لنجلس عليها لنحكم بالإسلام أو بالمعروف بدلاً عنكم ، بل من أسلم من أصحاب الكراسي إذا  كان كافراً فإنه يُقَرُّ على كرسيّه بمجرد إسلامه ، ولو كان حديث عهدٍ بالإسلام ويُناصَح و لا ينافَس ، ولما أسلم (باذان)  عامل كسرى على اليمن وأسلم الملِكان في عُمان على سبيل المثال أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعيِّن أحداً من أصحابه بحجة الأولوية والأقدمية في الإسلام مثلاً بدلاً عن أيٍّ منهم ، و لا سمح بمنافسته ، وكذلك أقرَّ شيوخ القبائل حِفاظًا على الاستقرار ماأمكن في ديار الإسلام .  ومن لم يُسلِم من أصحاب الكراسي كان المسلمون يقاتلونه ، ثم يتهيأ وفق شرع الله من يحلُّ  محله دون أن يطْلب ذلك مسلم ملتزم أو ينافِس عليه مطلقاً ، وفي الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنا والله لا نولي هذا  الأمر أحداً سأله أو حرص عليه) . . 

  وأما يوسف عليه السلام فإنه في الحقيقة لم يطلب الولاية ، وإنما أرسل إليه الملِك أكثر من مرة كما تدل الآيات ،  ثم ولاّه الملك ولاية مطلقة بقوله له كما حكى القرآن : ( إنك اليوم لدينا مكين أمين ) يوسف ، فقام يوسف صلى الله عليه وسلم بإنقاص هذه الولاية وتقييدها وحصْرها في خزائن الأرض وليس بطلبِها كما يظن بعضهم ، فقال كما حكى القرآن :(اجعلني على خزائن الأرض) يوسف ، وكان يوسف مطلوبا ولم يكن طالبا  .    وكم يحصل الامتهان والابتذال للدعاة والعلماء في الانتخابات الديمقراطية عندما ينافِسون ويبذلون جهوداً في تسجيل ترشيحاتهم وفي إنزال صورهم ودعاياتهم الانتخابية للمزاد العلني ، وغالباً ما يفشلون في النهاية ! فهل يليق هذا بهم شرعاً أو حتى ذوقاً؟!!

     هـ- في تمزيق المجتمع وسفْك الدماء أحيانا :

    الانتخابات الديمقراطية في بلاد المسلمين إذكاءٌ للصراعات وتمزيقٌ للمجتمعات ، وسفكٌ للدماء في بعض الأحيان ، وصرفٌ للأموال والجهود والطاقات في أنواع النزاعات والمنافسات المسماة بالانتخابات المحلية أو النيابية أو النقابية..إلخ ، ولا يمكن أن يصمد فيها أفراد بجهودهم الذاتية ، وإنما يعتمد أولئك الأفراد على التكتلات ، وفي ذلك تعميق للحزبيات في ديار المسلمين مشابَهةً لِمَا عليه الحال في ديار الكفر ، والله ينهانا عن كل ذلك ويأمرنا بالتآخي والتماسك فيقول : ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)  [الروم:31-32] ، ويقول : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)   [الأنعام:159] ، ويقول :( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) [هود:118-119]. ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد) .    كما أن هذه الانتخابات تحصر الدعاة إلى الله في النهاية في زاوية من زوايا المجتمع فيصيرون محسوبين على حزب بعد إن كانوا للمجتمع كله .

     و- في مُسايَرة الأنظمة ، و منها الأنظمة العلمانية :

    من أضرار الانتخابات الديمقراطية أن الدعاة الذين يخوضونها يقعون في كثير من الأحيان في أنواع من المسايَرة  للأنظمة ، ويقدمون كثيراً من التنازلات عن الشرع أبرزها ما ذكرناه في النقاط السابقة ، إضافة إلى إحلال الفكر والنهج  الديمقراطي في كثير من مفرداته ومصطلحاته وممارساته محل المنهج الإسلامي فترُوج مصطلحات مثل : حقوق الإنسان  (أي مساواة المسلم بغير المسلم) ، وحقوق المرأة (أي مساواتها بالرجل) ، والرأي والرأي الآخر (ولو كان الرأي الآخر ردّة) ، والمجتمع المدني (أي الذي لا يقوم على الدين) ، والشعارات الوطنية (التي تحل محل مفهومات الدين) ، ويتحول  الدعاة إلى الدعوة لهذا المنهج في وسائل إعلامهم كما هو ملموس ، ويكون ذلك على حساب دعوتهم الأصلية للدين ،  ومعلوم أن الدين لا يقوم إلا بالتمسك بالدين ، وليس بالتنازلات عنه ، والله يقول : ( خذوا ماآتيناكم بقوة) [البقرة:63] ، ولا يجوز التنازل حتى في المصطلحات ( ياأيها الذين آمنوا لاتقولوا راعنا وقولوا انظرنا) [البقرة:104] ، ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم)  [الأحزاب:70-71] ، ويقول سبحانه : ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ماأنزل الله إليك) [المائدة:49] ، ويقول : ( ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا مانزل الله سنطيعكم في بعض الأمر)  [محمد:26] .

   حزب العدالة والتنمية في تركيا : 

   وحزب العدالة والتنمية في تركيا الذي هو محل إعجاب بعض الإسلاميين ضرب الرقم القياسي في التنازلات ، وهذا سر سكوت الجيش عنه وسكوت الغرب ، رغم أن تركيا عضوٌ لديهم في حلف الأطلسي !!  إلى حد أنهم في هذا الحزب ينفون عن أنفسهم الإسلام في تصريحاتهم ، و يقولون إنهم يحافظون على العلمانية ، وسمحوا باستخدام  أجوائهم لتدمير العراق ، وعرَضوا إرسال جيش إلى هناك ، ويدعمون القوانين العلمانية في برلمانهم ، وهم محل نقد حتى من أستاذهم السابق أربكان رغم انفتاحه ... فهل ينتصرالإسلام بنفْي الإسلام والتنازل عنه والتناقض مع قطعياته إلى أجل غير مسمى؟! ...

   إن العلمانية كفر بواح ، وحكم الله هو الجهاد لإزالة العلمانية أو الإعداد للجهاد حتى يكون ممكنا ، ولو أن هؤلاء التزموا حكم الله في وضع دولتهم العلمانية فعمِلوا للجهاد بدلا من التزام الديمقراطية ، لَرُبَّما كانوا قد قضَوا على العلمانية منذ أمد طويل ، بدلًا من تضييع الوقت في الديمقراطية ، و تمديد فترة العلمانية ،  و مثل ذلك يُقال في أنظمة الحكم االأخرى المماثلة في بلاد المسلمين .

     ز- القبول الفعلي لكل ما ذُكر ممارسةٌ للذنوب :

     القبول الفعلي بكل ما ذُكر وغيره لخوض الانتخابات الديمقراطية خطر عظيم على عقيدة الشخص و دينه ، فالذي يقبل في الواقع الاحتكام إلى الصندوق من أجل تحكيم الشرع أو رفضه، ويقبل الاحتكام إلى القاعة من أجل إثبات أمور قطعية أو رفضها ، ويقبل الاحتكام إلى الأغلبية في التحليل والتحريم دستوراً وقانوناً ، ويسلِّم بالمساواة المطلقة بين الناس ويعمل بنتائجها في الانتخابات وغيرها ، ويقبل بالصراعات والحزبيات في مجتمع المسلمين ، ويمارس ذلك كله مع ما سبق ذكره من التنازلات.. مَن كان هذا حاله.. هل يسلَم له دينه حتى يتمكن من إصلاح نفسه وإصلاح الآخرين؟ وبعبارة أخرى من مارس ما يمارسه العصاة هل يستطيع أن ينهض بنفسه ويأخذ بيدها وبيد العصاة إلى التغيير نحو الطاعات، ما دام يواصل هذه الممارسات لا ينفكُّ عنها ؟   

     إن ممارسة هذه الذنوب باستمرار وإلى أجل غير مسمى ، حتى مع دعوى عدم الرضا عنها أمر غير مقبول ولا مبرَّر شرعا ً.  و مَن هو العالِم المعتبَر الذي يمكن أن يفتي بجواز ذلك  ؟!

 

     ثالثاً: أن الانتخابات منهج لا جدوى فيه في الواقع:

    المستوردون للانتخابات الديمقراطية من الحكام والمتنفذين في بلاد المسلمين ينقلونها شعاراً فقط لشَغْل الناس وإلهائهم وليسوا صادقين في نقل السلطة وتداولها كما في الغرب ، فيشغلون الناس ويستهلكون طاقاتهم في انتخابات نيابية ومحلية ورئاسية ونقابية دون أن يحصل أي تغيير حقيقي ، وقد جرّب الناس ذلك ، فالتزويرات وشراء الذمم والضغوط المختلفة والترغيب والترهيب.. كل ذلك وغيره في خدمة بقاء الأغلبية باستمرار بيد الحزب الحاكم ، وهذا ما هو جار ٍفي البلاد التي يُـسمح فيها للإسلاميين بخوض الانتخابات المسرحية المعروفة نتائجها سلفاً مثل اليمن ومصر والأردن والباكستان والمغرب وغيرها .

     وعندما خرجت النتائج عن دائرة السيطرة في الجزائر كما هو معلوم عوقب الشعب الجزائري بالحرب القذرة المستمرة منذ الانقلاب على فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإلى اليوم ، وأما في بعض البلدان فلا يسمح للإسلاميين مطلقاً بخوض الانتخابات المسرحية باسم الإسلام وإنما باسم العلمانية ، كما في تونس وسوريا وتركيا ، فكيف يقوم الإسلام على يد من لا يتجرأ على ذكر اسمه ؟

     والأوّلون الذين يحصلون على مقاعد ومراكز محدودة في البرلمانات لا يستطيعون تغيير أي منكر ولا حماية أي مكْسب ،  وإنما يظلُّون معارضة مُزْمنة تصرخ باستمرار وتتراجع إلى الخلف ، ويُبقيها الحكام في حيّز هذا العذاب لا تموت فيه ولا  تحيا ، لإضفاء شرعية مزيفة على استبدادهم ، وهذه طبيعة الملك الجبري الذي ورد ذكره في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن تتخلف هذه الطبيعة ولا أن تزول بالديمقراطية المدجّنة المهجّنة الكاذبة ، فلا يمكن أن يتحول هذا الملك إلى حكم شوروي ولا حتى إلى حكم ديمقراطي .

    إن عدم الجدوى واضحة من كلام الذي لا ينطق عن الهوى ،  وكذلك من الواقع الملموس ، والمفترض أن الإسلاميين بعد أن جرَّبوا ذلك ألّا يُلدغوا من حجر واحد مرات ومرات، وأن يكتفوا بتشخيص الرسول صلى الله عليه و سلم لهذه الأنظمة ، وألاّ يصدِّقوا الحكام بكذبهم فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه أحمد وصححه الألباني وغيره : (فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم (ومن ذلك ا لاشتراك في الانتخابات الخادعة التي يعتبر الاشتراك فيها تلبيسًا على الناس ، ومسايَرةً للظلَمة وتغطية على الظلم) فليس منّي ولست منه ، ولن يَرِد عليّ الحوض) ، ولكن هل يمكن القول : إن هناك مَن استمرَأََوا هذه المسرحيات وصعُب عليهم الثبات ، وبعُدت عليهم الشُّقة ، فاكتفوا بالظهور الإعلامي والحضور في دائرة الضوء ولو لم يُحقَّقوا شيئاً حقيقياً للإسلام ، وربما انخدعوا بالرخاء الفردي والمجد الشخصي فصاروا يحرصون على (الكنَبات والانتخابات) ؟!...  هل يمكن أن نقول ذلك ؟  إن قلناه فإننا نقول : ما بال أقوام يفعلون ذلك ؟ نقول ذلك إشفاقاً وتنبيهاً لا تجريحاً وتشويهاً.

     البديل للانتخابات الديمقراطية:

     إن البديل باختصار هو: أن يبقى الإسلاميون على منهجهم الأصيل في مواجهة الباطل قبل أن يدخل عليهم هذا المنهج الوافد المستورد ، ومنهجهم الأصيل هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدرجاته الثلاث وضوابطه الشرعية ، وأن يدفعوا بمحبيهم وشعوبهم في فعاليات لذلك ، لا في فعاليات للانتخابات .. وهم أذكياء لو رغِبوا ، وعندهم قدرات مشهود لهم بها في تحريك الشارع عندما يريدون ، وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر . وعليهم أن يصرفوا جهودهم وأموالهم في محاولة إصلاح الناس وإصلاح المسئولين بدلاً من صرفها في انتخابات تُنافِس المسئولين وتثير غيظهم ، لا سيما إذا كانوا مسلمين ، لأن المنافسة  نوع من الخروج عليهم أو المنازعة الممنوعة في النصوص ، وإنْ تظاهرالمسؤولون  بقبول ذلك ، لكنهم في حقيقتهم المعروفة للجميع غير قابلين ، وإنما شعارات كاذبة ، ولا يجوز تصديق كذبهم كما سبق في الحديث ، وعسى أن يخفَّف الإسلاميون بهذا البديل من الشر، وعليهم أن يصبروا ولو قَبَضوا على الجمر، قال تعالى: ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) [العصر:3]، ولن يضيِّعهم الله ، ولا تزال طائفة على الحق ظاهرين ، والخلافة الراشدة قادمةبإذن الله ، ولن تقوم بالأسلوب الديمقراطي ، فالحق ليس من منتجات الباطل ، وعلى الدعاة ألاّ يتحيّزوا في كيانات حزبية بعيداً عن مجتمعاتهم ، بل يظلوا طلائع وروّاداً وملاذاً للجميع ، وعليهم أن يكسروا الحواجز والولاءات الوهمية المانعة من اندماج الجماعات الإسلامية ، وأن يتنازل بعضهم لبعض كما فعل الحسن رضي الله عنه مع معاوية رضي الله عنه .. هذه الولاءات التي ربما صنعتْها أهواء بعض الأشخاص ، لأنهم ليسوا معصومين ، قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب  ريحكم)[الأنفال:46] ، ومع المثابرة والصبر يأتي بالنصر بإذن الله، (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون)[يوسف:21].                                                                                                           

                                                                                        

التداول السلمي للسلطة 

 

     سؤال: التداول السلمي للسلطة مصطلح نسمعه كثيراً من بعض الأحزاب السياسية ذات التوجهات الاشتراكية والقومية و... كما نسمعه من بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي، فماذا يعني هذا المصطلح؟ مع الأخذ في الاعتبار تصريح تلك الأحزاب الإسلامية أنها تُسلِّم لأي حزب يصعد للسلطة اشتراكياً أو نصرانياً أو...؟    سائل . 

     الجواب: التداول السلمي للسلطة مصطلح من مصطلحات الديمقراطية ، وهو معمول به في الدول الغربية والدول التي على شاكلتها ، بحيث من حاز الأغلبية يتولى السلطة ثم يتركها إن فقد الأغلبية وحازها غيره ، فيتم التداول للسلطة سلمياً بواسطة الانتخابات ، وهذا التداول يحصل حيث توجد التعددية الفكرية والعقَدية التي هي أيضاً إحدى أبْنِيَةِ الديمقراطية .   ولأن الغرب ومن على شاكلته يدينون بالعلمانية ، فإن الديمقراطية القائمة على التعددية العلمانية وعلى التداول تزدهر عندهم  ، فمرةً يحكم عندهم محافظون يؤمنون بمبادئ معينة ، ومرة يحكم عندهم متحرِّرون يؤمنون بعكس تلك المبادئ .

     وقد حاولت الأحزاب والأنظمة في ديار المسلمين استيراد الديمقراطية مع مكوناتها كالانتخابات والتعددية والتداول والعلمانية فلم تنجح في ديار المسلمين ، وبقيت مجرد شعارات ، فالهند وباكستان على سبيل المثال ظروفهما وتاريخهما واحد ، ونجحت الديمقراطية في الهند بمكوناتها ولم تنجح في الباكستان ،  كما أن الديمقراطية نجحت في الدول غير الإسلامية التي كانت في ظل الاتحاد السوفيتي مثل أوكرانيا وليتوانيا واستونيا ولاتفيا وملدافيا ، وفشلت في بلاد المسلمين مثل أوزبكستان، وكزخستان وتركمانستان، وطاجكستان وقرغيزستان ، ونجحت فيها الديكتاتورية والملك الجبري ، لأنهم يعلمون أنه لو وصل صالحون إلى السلطة ما تركوا بعد ذلك لغير الصالحين فرصة الوصول ، ولذلك  بقيت الديمقراطية مزوّرة في ديار المسلمين في بعض مفرداتها  بما في ذلك التداول ، ولم تنجح إلا في الدول التي صارت فيها أنظمة الحكم مُوغِلةً في العلمانية ، ولا أذكر إلا مثلاً واحداً أظن أنه لا يوجد سواه هو دولة تركيا التي بالغت في العلمانية لدرجة أن الإسلاميين فيها أصبحوا يحكمون بالعلمانية .

     إن الديمقراطية كما ذكرنا بتداولها لا يمكن أن تقوم إلا مع العلمانية ، أما النظام الإسلامي وهو نظامُ شورَى أهلِ الحل والعقد فهو يخالف الديمقراطية ، فليس فيه تعددية تَداوُلية ؛ لأن الإسلام منهجه العقدي واحد ، والخلافات التي في الفروع لا يمكن تسميتها تعددية سياسية ، إضافة إلى أن المذاهب الأربعة مع المذهب الظاهري ، وهم الذين يعتبرون أهل السنة والجماعة مرجعيتهم جميعاً واحدة هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس ،  والمجتمع المسلم مجتمع واحد متماسك كالجسد لا يقبل التباين ، وعند الخلاف الفرعي فإن اجتهاد ولي الأمرــ إذا رغب في اختيار اجتهاد معين ــ فإن اختياره يكون هو المعمول به ، ويجب عليه مشاورة أهل الحل والعقد الذين يفرضهم علْمهم وثِقَلهم في المجتمع ، فانتفتْ بذلك التعددية ، وانتفى بذلك مبرر التداول .    ولذلك كان الخليفة على مدى القرون الإسلامية يبقَى غالباً خليفةً مدى حياته ، ويتم تقديم النصائح له عندما تقع مخالفات ، و لا يكون الخروج عليه إلا في حال الكفر البواح ؛ وهذا الخروج ليس تداولاً، وإنما إعادةٌ للحق إلى نصابه .   

     والأصل في اختيار الخليفة إذا كان موقعه شاغرًا بموت أو جنون أو أسْرٍ بلا أمَلٍ قريب في إطلاقه ،  أ ن يكون الاختيار من أهل الحل والعقد ، وهم كبار العلماء والوجاهات الذين يُفرِزهم المجتمع تلقائيا ، فيفرضهم ثِقَلهم  . فإذا تجاهل متغلّبٌ أهل الحل والعقد فنصب نفسه حاكماً واستقر له الأمر فهوآثمٌ بتجاهلهم ، ولكن طاعته واجبةٌ صيانة ًللمجتمع من الصراع وسفك الدماء ، ما دام المتغلّب لم يظهر منه الكفر البواح ، بمعنى أنه لم يغيّر المنهج الإسلامي . وهذه الطريقة بيّنتها النصوص وكتب الفقه على مدى القرون واستمر عليها واقع المسلمين ... وهي الطريقة الفطرية ، لأنها تكفل الولاية للأقوى سواء بالاختيار أم بالتغلّب ، والدولة الإسلامية الأفضل لها الحاكم الأقوى دائما ما دام في دائرة الإسلام بأي طريقةٍ وصل ، وإثمه على نفسه لو أساء ، وقُوَّتُه للمسلمين ، فيكون الحكم عند المسلمين للأقوى بالفرْز الفطري .  وقد ابتلي المسلمون بالحكم العَضُوض والحكم الجبري بسبب ذلك ، إلا أن الإيجابيات في الجملة كانت أكثر بكثير من السلبيات وأقام المسلمون في ظل ذلك حضارتهم التي بهرتْ العالم ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك و بالملك العضوض والملك الجبري وأمر بالسمع والطاعة للحاكم ما لم يكن أمرٌ بمعصية ولم يكن كفرٌ بواح ، وشجع على النهي عن المنكر ، وجعل أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، وحرّم الخروج ، فأوجد بذلك الضمانات والتوازن  .  وفي هذه النصوص ، وفي الإِخبار بذلك معجزات له صلى الله عليه وسلم يدرك أبعادها أولو الألباب .  

  والشورى في الإسلام واجبة على الحاكم فإن فرّط فيها فهو آثم و تجب مناصحته ، وهو الذي يختار أهل شوراه أو يسمح للناس بالاختيار بضوابط شرعية وليست ديمقراطية  تُسَوِّي بين غير المتساوِين .  وفي حال الكفر البواح يجب الخروج عليه بالجهاد ، وعند عدم الاستطاعة يجب الإعداد لذلك  . والحاكم في الإسلام  بالنسبة للمجتمع كالقلب بالنسبة للجسد  ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام شبّه المؤمنين بالجسد ، وكما أنه لايُعقَل التفكير بتبديل القلب إلا في حال التلَف التام ، فكذلك لا يُعقل التفكير بتبديل الحاكم إلا في حال الكفر الواضح ، كما أن الحاكم شبيه بإمام الصلاة أثناء الصلاة وشبيه برب الأسرة في القوامة ، يعطَى كل منهما صلاحيات واسعة ، ولا سَماحَ بالخروج عليهما ولا على الحاكم لِمَا يترتب على ذلك من الأضرار إلا في ظرْف مشدَّد ،   فلا نتنازل عن أحكام ديننا ،وأ نظمتنا الفريدة المحْكمة  للأهواء الديمقراطية الوضعية المستوردة  ، ولا لنزَوات الطامحين... قال تعالى : ( ثم جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) . وبالله التوفيق...ِ

 

المرجعية في الإسلام و المرجعية في الديمقراطية

     سؤال: ما الفرق بين المرجعية في الإسلام و المرجعية في الديمقراطية؟

     الجواب: المرجعية للحكم في الإسلام هم أهل الحل والعقد عندما يكون موقع ولي الأمر شاغرًا ، وهم العلماء والوجهاء أصحاب النفوذ في القطاعات الاجتماعية والجيش الذين يتيسر اجتماعهم لاختيار ولي الأمر ، وهم الذين يستشيرهم ولي الأمر أو مَن يتيَسَّر منهم عند الحاجة ، سواء اختاروه ، أو تأمّر عليهم بالأمر الواقع  ما دام مُسلِما  . وأما في الديمقراطية فالمرجعية بزعمهم للشعب بجميع أفراده بغض النظر عن الدين والأخلاق والنفوذ والذكورة والأنوثة إلخ .. فالشعب هو الذي يختار ولي الأمر كما يختار ممثليه في المرجعية لديهم و هي البرلمانات  .

     فالمرجعية في الإسلام هي للخاصة ، أي أن الشعب وهم العامة يرجعون في الحكم إلى أهل الحل والعقد و هم الخاصة . أما في الديمقراطية فإن الخاصة وهم كبار السياسيين يرجعون في اختيار ولي الأمر و اختيار الممثلين والسياسات الاستراتيجية إلى العامة (الشعب) .

     و إذا رجعنا إلى المنطق السليم فسنجد أن المنطق الديمقراطي غير سديد بدليل أن قضايا أقل أهمية من قضية الحكم لا يكون الرجوع فيها إلى العامة ، فمثلا إذا اختلف الأطباء في مستشفى فإنهم لا يرجعون إلى العامة في المستشفى من العمال والمرضى ، وإنما يقتصرون على مجلس الخاصة من الأطباء لحل الخلاف . وإذا اختلف المهندسون في مشروع بِناء فإنهم لا يرجعون إلى العامة من العمال والمستخدَمين ، وإنما يحلّون الخلاف في مجلس الخاصة من المهندسين .  و كذلك إذا اختلف ضباط الجيش فإنهم لا يرجعون إلى عامة العساكر لحل الخلاف ، وإنما يحلُّه مجلس الخاصة من كبار الضباط .... و هكذا في سائر المجالات . فهل يُعقَل أن البلاد  بكافة مقدََّراتها ومؤسساتها ، و مدنها وقراها و قبائلها و سائر أحوالها ....إلخ يَرجِع فيها الخاصة و هم الساسة وأصحاب النفوذ في أكبر قضية فيها و هي قضية الحكم .. يرجعون فيها إلى العوام؟!! ثم بسبب الاختلالات و الجهل عند العوام يجري شراء الذمم ، ويسهُل التضليل والتزييف ، ويمضي مراد أهل المكْر و الانحراف.. إن هذا قَلبٌ للأمور ، ولا يستقيم المشي بالمقلوب . قال تعالى مبينا هذه الحقيقة : (و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ، و لو ردُّوه إلى الرسول وإلى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء .

                                                                                        

لا تنفع الديمقراطية في تعديل الحكم في بلاد المسلمين

     سؤال: هل يمكن أن تنفع الديمقراطية في إصلاح الحكم في بلاد المسلمين ؟

     الجواب: لايمكن ذلك لِمَا سبق ، و الديمقراطية فسادٌ في حد ذاتها ، و إضافة إلى ذلك فإن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن الحكم سيظل مُلْكا عضوضا أومُلْكا جبريا ، للحديث الذي رواه أحمد والبيهقي وذكر الألباني و الأرناؤوط أنه حسن ، إلى أن تعود الخلافة ، التي هي على منهاج النبوة ولبس على منهاج الديمقراطية . و الخلافة على منهاج النبوة تكون فترة قصيرة فبل قيام الساعة ، تماما كما كانت الخلافة على منهاج النبوة قصيرة كذلك ، فإن فترة الخلفاء الراشدين ثلاثون عاما كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وأبو داود والطبراني والحاكم وغيرهم و ذكر الألباني أنه صحيح .

     و قد ذكر عليه الصلاة و السلام أن الخلافة الراشدة سوف تُنقَض فقال : (لَـتُنـْقضَنَّ عُرَى الإسلام عُروةً عروةً فكلما انتقضتْ عروةٌ تشبَّثَ الناسُ بالتي تليها فأولهنَّ نقضاً الحكمُ و آخرهن الصلاة ) رواه أحمد و ابن حبان و الحاكم و قال لألباني إنه صحيح . وغير ذلك من الأحاديث . فهذا مع واقع  الدول الإسلامية كالدولة الأموية و الدولة العباسية و دولة المماليك والدولة العثمانية و دول الحكم العسكري في عصرنا يدلُّ على ذلك , و هذا الحديث و أمثاله معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن الله يريد ابتلاء المسلمين ، ولو صلح الحكْم تماما لتحوّل العالم الإسلامي إلى جنة في الدنيا، و لكن الله يقول: (و نبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء . فلذلك لا بد أن تظل الأوضاع كما ذكر النبي صلى الله عليه و سلم ، حتى توجد بيئة  للأمربالمعروف والنهي عن المنكر في ظل الحكْم المختلّ ويظل الابتلاء ..

     وأوضاع المسلمين في كل الأحوال أفضل بما لايقاس من أوضاع الكافرين التي لادين فيها ولا أخلاق ولا قِيـَم للأسرة و لا لغيرها ، وبعيش فيها الناس كالأنعام رغم التقدم الشكْليّ ، قال تعالى في المسلمين : (كنتم خير أمة أُخْرجت للناس) آل عمران .         ويكفي للدلالة على حقيقة الكافرين المجازر التي حدثتْ فيما بينهم خلال الحربين العالميتين و راح ضحيتها ستون مليونا من البشر ، قال تعالى : (إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار حهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) البينة .


...........................................................                         
 

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©