العداوة بين الإسلام والكفر عداوة
أبدية لايمكن زوالها ، وتتجلى كثير من مظاهر
هذه العداوة عند المواجهة العسكرية ،إلا أن
المسلمين الملتزمين بدينهم يمنعهم دينهم من
التجاوُز، ويُلزِمهم بالانضباط بأخلاق الإسلام
في كل الأحوال ومنها حال الحرب ، والنصوص
عندنا تمنع الفساد في الأرض وقتل غير
المقاتلين وغير أصحاب الرأي في القتال
كالأطفال والنساء والشيوخ والرهبان ، لأن
الإسلام دين الرحمة للبشرية كلها قال تعالى: (وماأرسلناك
إلا رحمة للعالمين) الأنبياء ، ولذلك لا يسمح
الإسلام إلا بقتل من يستحق القتل .. أما
الكافرون فلا توجد عندهم مثل تلك القيم
والضوابط والأخلاق التي عند المسلمين ، وإن
وُجِد شيء من ذلك فنادرًا ما يلتزم به
الكافرون نظرًا لطبيعة ضعف التأثير الديني
غالبا عند الكافرين على سلوكياتهم .. ومما يدل
على ذلك في هذه الأيام ما فعلته و تفعله قوات
التحالف في أفغانستان والعراق وفي غوانتانامو
وفي أبي غريب .. وما فعله ويفعله اليهود في
فلسطين من مجازر وفساد وإهلاك للحرث والنسل
على مدى ستين عاما ، على نحو تقشعر له الأبدان
، وإن ما يجري في غزة الآن شاهد على ذلك ..
هذه هي حقيقة الكافرين ، وبالأمس
القريب فعل الروس ما فعلوه في الشيشان وفي
أفغانستان ، وفعَل الصِّرب مافعلوه في البوسنة
والهرسك ... بل إن أهل الكتاب فعلوا بخصومهم
من أتباع دينهم الفظائع في الحربين العالميتين
.
و من هنا فإنه لا جدوى من
الاستنجاد بدول الكفر و لا بالمنظمات الدولية
و لا بالأمم المتحدة ولا تذكيرهم بقراراتهم ،
و لا بحقوق الإنسان ، ولاسيما إذاكان المعتدَى
عليه مسْلمًا قال تعالى: ( لايرقُبون في مؤمن
إلاًّ ولا ذِمّة) التوبة ، و قال سبحانه : (
إن الكافرين كانوا لكم عدُوًّا مبينا) النساء
.
و لا تَشَكَّ إلى خَصْمٍ لِتُشْمِتَه شَكْوَى الجريحِ إلى
الغِرْبانِ والرَّخَّمِ
ولا يصلح للمسلمين إلا الاعتماد
على الله ثم على قوتهم لاسترداد وحماية حقوقهم
، فإن الحق في هذا العالم لاتحميه إلا القوة ،
فالعالم غابَةٌ كبيرة ، قال تعالى : ( و مالكم
لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من
الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا
أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا
من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا )
النساء ، وقال سبحانه: ( و لو لا دفع الله
الناس بعضهم ببعض لهدِّمت صوامع وبيع وصلوات
ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا) الحج .
إن حرب الإبادة المتكرّرة على
المسلمين باستمرار في مناطق عديدة بالحصار
الكامل الفظيع والدمار الواسع المريع والقتل
الشامل الذريع ـ و غزة نموذجٌ الآن على ذلك ـ
لا يمكن إيقافها إلا بالقوة الحازمة الحاسمة
الرادعة ، وقد عانى المسلمون في أفغانستان ما
عانوه من الحرب الّلا أخلاقية التي اتبعت
سياسة الأرض المحروقة ، و عندما استعاد
المجاهدون قوتهم وأخذوا بزمام المبادرة من
جديد , وأخذوا يكيلون الضربات الموجعة تلوَ
الضربات لقوات التحالف الحاقدة بدأت نداءات
الحوارات وطلب المفاوضات من هذه القوات و
عملائها ، وأنه لا جدوى من الحرب .. في حين
كان من جرائمهم ذات مرة وما أكثرها ! إغلاق
إحدى الحاويات على مئات المعتقلين و حبسهم
فيها حتى ماتوا جميعا ، و في الصومال اجتاح
الإثيوبيون الموتورون بدعْم من أمريكا التي
تتميز غيظا من المسلمين اجتاحوا الأخضر
واليابس والبشر والحجر ، ولما لقَّنهم
المجاهدون الدروس المناسبة أعلنوا الانسحاب من
الصومال دون قيد أو شرط .
إن القوة وحدها هي التي يفهم
لغتها أعداء الإسلام ، ولذلك فرض الإسلام على
المسلمين إعداد القوة الرادعة واستنفاد
الاستطاعة في ذلك ، من أجل إرهاب الأعداء
وعملائهم لأيقافهم عند حدّهم ، ومنْع ظلمهم ،
وردْع طغيانهم ، ومن أجل إقامة العدل في الأرض
، وجعَل القبول بالسلام لايكون إلا بعد جنوح
الأعداء إليه وانصياعهم إليه تحت تأثير القوة
، بمعنى قبولهم بشروط المسلمين .. قال تعالى :
( و أعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط
الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من
دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم , و ما تنفقوا
من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم و أنتم لا
تظلمون . و إن جنحوا للسلم فاجنح لها ..)
الأنفال , ونهى المسلمين عن الدعوة إلى
السلام ، لأنه وهن يستغله الأعداء ويستطيلون
به على المسلمين و على العدل والحق ، قال
تعالى : ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم و أنتم
الأعلَون والله معكم ولن يترَكم أعمالكم )
محمد .
ولذلك فليس أمام المسلمين كافة
سوى السلاح والجهاد ، قال تعالى : (كُتِب
عليكم القتال و هو كُرْه لكم ، و عسى أن
تكرهوا شيئا و هو خير لكم ) البقرة , و قال
عليه الصلاة والسلام : ( بُعِثتُ بين يدي
الساعة بالسيف..) رواه أحمد و أبو يعلى
والطبراني وذكر الألباني في (صحيح الجامع )
أنه صحيح ، و قال عليه الصلاة والسلام : (من
مات ولم يَغْزُ وَلم يُحَدِّثْ نفسه بِغَزْوٍ
مات على شعبة من نفاق ) رواه مسلم . ولا يقوم
الجهاد إلا بالمال فلا بد من الجهاد بالمال
قال تعالى : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا
بالله و رسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم
وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون )
الحجرات .
وكل ما يعاني منه المسلمون من
البلاء من الأعداء لا علاج له بغير الجهاد
الرادع ، قال تعالى : (إلّا تنفروا يعذبكم
عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم) الأنفال ، و
قال تعالى : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم
ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين
يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم )
المائدة ، فنسأل الله أن تتوسّع دائرة الجهاد
و المجاهدين في دنيا المسلمين و تقوم قوّة
الردْع الكافية لمواصلة تضييق و حصْر دائرة
غابَةِ الكافرين و المنافقين . |